طائر أسطوري ضخم يقال إنه اتخذ اسمه من عنقه الطويل . وفي رواية أخرى من
طوق أبيض حول عنقه . وهناك روايات عربية أخرى تقرن بينه وبين عنقاء المغرب وطائر
" الفوينكس " . وتربط الأسطورة بين العنقاء وأصحاب الرس المذكورين في
القرآن الكريم . وعلى الرغم من أنه يفترض بصفة عامة أن هذا الطائر لم يوجد إلا في
الماضي السحيق فإن " الدميري " يقول إنه قرأ في كتاب المؤرخ "
الفرغاني " أن عنقاء كانت تشاهد بين حيوانات أخرى غريبة في حديقة الحيوان في
عهد أحد الخلفاء الفاطميين . وتقول الأسطورة أن هذا الطائر يظهر للناس كل خمسمائة
عام . وتعد العنقاء من المستحيلات الثلاثة وهي الغول والعنقاء والخل الوفي
العَنْقَاء أو العَنْقَاء المُغْرِبُ أو عَنْقَاءُ مُغْرِبِ (أو الفينيق
(الفينكس) في الترجمات الحرفية الحديثة أو الققنوس أو الققنس بالفارسية كما ورد في
كتاب منطق الطير )، هي طائر خيالي ورد ذكرها في قصص مغامرات السندباد وقصص ألف
ليلة وليلة، وكذلك في الأساطير العربية القديمة.
يمتاز هذا الطائر بالجمال والقوة، وفي معظم القصص أنه عندما يموت يحترق
ويصبح رمادا ويخرج من الرماد طائر عنقاء جديد.
ورد في لسان العرب: والعَنْقاء: طائر ضخم ليس بالعُقاب... وقيل: سمِّيت
عَنْقاء لأَنه كان في عُنُقها بياض كالطوق، وقال كراع: العَنْقاء فيما يزعمون طائر
يكون عند مغرب الشمس، وقال الزجاج: العَنْقاءُ المُغْرِبُ طائر لم يره أَحد...
(قال) أبو عبيد: من أَمثال العرب طارت بهم العَنْقاءُ المُغْرِبُ، ولم يفسره. و
رُوِيَ عن ابن الكلبي أنه قال: كان لأهل الرّس نبيٌّ يقال له حنظلة بن صَفْوان،
وكان بأَرضهم جبل يقال له دَمْخ، مصعده في السماء مِيلٌ، فكان يَنْتابُهُ طائرة
كأَعظم ما يكون، لها عنق طويل من أَحسن الطير، فيها من كل لون، وكانت تقع
مُنْقَضَّةً فكانت تنقضُّ على الطير فتأْكلها، فجاعت وانْقَضَّت على صبيِّ فذهبت
به، فسميت عَنْقاءَ مُغْرباً، لأَنها تَغْرُب بكل ما أَخذته، ثم انْقَضَّت على
جارية تَرعْرَعَت وضمتها إلى جناحين لها صغيرين سوى جناحيها الكبيرين، ثم طارت
بها، فشكوا ذلك إلى نبيهم، فدعا عليها فسلط الله عليها آفةً فهلكت، فضربتها العرب
مثلاً في أَشْعارها، ويقال: أَلْوَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ (أي طارت به)،
وطارت به العَنْقاءُ.]
وفي كتاب العين: والعَنْقاءُ: طائِرٌ لم يَبْقَ في أيدي الناس من صِفتها
غيرُ اسمِها. ويقالُ بل سُمِّيَتْ به لبياضٍ في عُنقِها كالطَّوق.]
وفي معجم الأمثال والحكم: حَلَّقَتْ بِهِ عَنْقَاءُ مُغْرِبٌ: (مَثَل)
يضرب لما يئس منه... العَنْقَاء: طائر عظيم معروف الاسم مجهول الجسم، وأغرب: أي
صار غريباً، وإنما وُصِف هذا الطائر بالمُغْرِب لبعده عن الناس، ولم يؤنثُوا صفته
لأن العنقاء اسمٌ يقع على الذكر والأنثى كالدابة والحية، ويقال: عَنْقَاءُ
مُغْرِبٌ على الصفة ومُغْرِبِ على الإضافة...[5] طاَرتْ بِهِمِ الْعَنْقَاءُ: قال
الخليل: سميت عنقاء لأنه كان في عُنُقها بياض كالطَّوْق، ويقال: لطولٍ في عنقها،
قال ابن الكلبي: كان من أهل الرس رجل صالح يقال له: حَنْظَلة بن صَفْوَان، وكان
بأرضهم جبل يقال له دَمْخ مَصْعَدُه في السماء مِيل، وكانت تَنْتَابُه طائرة كأعظم
ما يكون لها عنق طويل، من أحسن الطير، فيها من كل لون، وكانت تَقَعُ منتصبة، فكانت
تكون على ذلك الجبل تنقَضُّ على الطير فتأكله، فجاعت ذاتَ يوم وأَعْوَزَتِ الطير
فانقضَّتْ على صبي فذهبت به، فسميت: ”عَنْقَاء مُغْرِب” بأنها تغرب كل ما أخذته ثم
إنها انقضَّتْ على جارية فضَمَّتها إلى جناحين لها صغيرين ثم طارت بها، فشكَوْا
ذلك إلى نبيهم، فقال: اللهم خُذْهَا، واقْطَعْ نَسْلَها، وسَلطْ عليها آفة،
فأصابتها صاعقة فاحترقت، فضربتها العربُ مَثَلاً في أشعارها.
كل ألف عام، تريد العنقاء أن تولد ثانية، فتترك موطنها وتسعى صوب فينيقيا
وتختار نخلة شاهقة العلو لها قمة تصل إلى السماء، وتبني لها عشاً. بعد ذلك تموت في
النار، ومن رمادها يخرج مخلوق جديد.. دودة لها لون كاللبن تتحول إلى شرنقة، وتخرج
من هذه الشرنقة عنقاء جديدة تطير عائدة إلى موطنها الأصلي، وتحمل كل بقايا جسدها
القديم إلى مذبح الشمس في هليوبوليس بمصر، ويحيي شعب مصر هذا الطائر العجيب، قبل
أن يعود لبلده في الشرق.
هذه هي أسطورة العنقاء كما ذكرها المؤرخ هيرودوت، واختلفت الروايات التي
تسرد هذه الأسطورة، والعنقاء أو الفينكس هو طائر طويل العنق لذا سماه العرب
"عنقاء" أما كلمة الفينكس فهي يونانية الأصل وتعني نوعا معينا من
النخيل، وبعض الروايات ترجع تسمية الطائر الأسطوري إلى مدينة فينيقية، حيث أن
المصريين القدماء اخذوا الأسطورة عنهم فسموا الطائر باسم المدينة.
ونشيد الإله رع التالي (حسب معتقداتهم) يدعم هذه الفكرة، حين يقول:
"المجد له في الهيكل عندما ينهض من بيت النار. الآلهة كلُّها تحبُّ أريجه
عندما يقترب من بلاد العرب. هو ربُّ الندى عندما يأتي من ماتان. ها هو يدنو بجماله
اللامع من فينيقية محفوفًا بالآلهة". والقدماء، مع محافظتهم على الفينكس
كطائر يحيا فردًا ويجدِّد ذاته بذاته، قد ابتدعوا أساطير مختلفة لموته وللمدَّة
التي يحياها بين التجدُّيد والتجدُّد.
بعض الروايات أشارت إلى البلد السعيد في الشرق على أنه في الجزيرة العربية
وبالتحديد اليمن، وأن عمر الطائر خمسمائة عام، حيث يعيش سعيدا إلى أن حان وقت
التغيير والتجديد، حينها وبدون تردد يتجه مباشرة إلى معبد إله الشمس (رع) في مدينة
هليوبوليس، وفي هيكل رَعْ، ينتصب الفينكس أو العنقاء رافعًا جناحيه إلى أعلي. ثم
يصفِّق بهما تصفيقًا حادًا. وما هي إلاَّ لمحة حتى يلتهب الجناحان فيبدوان وكأنهما
مروحة من نار. ومن وسط الرماد الذي يتخلف يخرج طائر جديد فائق الشبه بالقديم يعود
من فوره لمكانه الأصلي في بلد الشرق البعيد.
وقد ضاعت مصادر الرواية الأصلية في زمن لا يأبه سوى بالحقائق والثوابت،
ولكن الثابت في القصة هو وجود هذا الطائر العجيب الذي يجدد نفسه ذاتياً.
No comments:
Post a Comment