حظي الحبل السري عبر التاريخ وفي ثقافات
متنوعة بنصيب وافر من الأساطير التي دارت حوله، إذ أنه يعتبر الصلة المادية لحياة
الجنين في رحم أمه وبالتالي يتعلق بمصير المولود وأيضاً
بمستقبله وفقاً للأفكار المتوارثة.
الحبل السري (علمياً ) هو القناة التي يسري
فيها الغذاء من المشيمة إلى الجنين داخل رحم الأم فوظيفته هي نقل الغذاء والفضلات
التي تتكون في جسم الجنين إلى دورة الأم الدموية .
حمل الحبل السري دلالات مختلفة تتعلق بمصير
المولود وفقاً للباحث والمؤرخ الشعبي سمير طحان:"هذا الشيء يمكن أن نراه في
رقى وتعاويذ موجودة على الرقم الطينية في مملكة أوغاريت ونينوى وحتى في الصين و
الهند ، وهناك اعتقاد وآراء على أن الحبل السري يمكن أن يلخص حياة المولود فهناك
كثيرون يقرؤونه ويمكن لبعضهم من قراءة كلمات من خلال الحبل السري تدل على مستقبل
الطفل، و بما أنها تلخص حياة الطفل فكان لها ميثولوجيا خاصة فيها فلا يجوز أن يقع
الحبل السري في أيدي عدو لأنه من الممكن أن يعمل له عملاً ما كالسحر والذي يتسبب
في التأثير سلباً على مستقبل الطفل كالعمى أو العجز أو نقص النمو"، ويتابع
:" بما أن الحبل السري كان يلخص حياة المولود وفيه جزء من حياة الإنسان كان
يقدموه كنذر للمعابد قديماً ، فهناك جنية اسمها " لاما " في الحضارات
السومرية و الفينيقية و الآكادية وبالإنكليزية اسمها (لامي ) وبالعربية (لمياء)
وما يميز هذه الجنية هو اللون الأزرق لشفتيها وكانت هذه الجنية تخطف الأطفال وتؤذيهم
وتحسباً لذلك ولكي ترضى هذه الجنية عن المولود كان الأهل يضعون الحبل السري
لأطفالهم في هيكل تابع لهذه الجنية بأحد المعابد ، وقد استمرت هذه العادة و دخلت
في منطقتنا عند الأديان التوحيدية فصار المسلمون يدفنون الحبل السري في الجامع
والمسيحيون في الكنيسة و اليهود في الكنيس"
وهناك أعمال سحرية ممكن أن يقوموا بها عن
طريق الحبل السري كتجفيف الحبل السري وتخبئته في مكان ما مثل كيس المال أو –
الخرجية - يمكن لبعضهم أن تجلب السعادة للمولود ولعائلته وباعتقاد آخرين أنه من
الممكن أن يزيد المال ، وهذه الخرافة ليست موجودة في سوريا فقط وإنما منتشرة في
الهند والصين وأمريكا اللاتينية وأوروبا بالذات حسب ما قاله الباحث الطحان .
نجد في الموروث الشعبي لأهالي مدينة حلب
السورية إعتقاد ما زال البعض يؤمن به ومفاده أنه عندما تأكل القطة الحبل السري
لأطفالهم فأن المولود سيموت حتماً وفقاً للحكايات الشعبية وبالتالي يسعون لدفنه في
مكان ما كمسجد أو كنيسة لكي لا تصل إلى مكانه قطة أو كلب وتلتهمه، حتى أصبحت مثلاً
شعبياً ( فلان أكلت حبل سره القطة ) أي أنه مهدد بالخطر
وفور الولادة يقص الطبيب الحبل السري على بعد
2 سنتمر من سرة الطفل، وبعد أسبوع من ولادة الجنين تجف هذه القطعة من الحبل السري
، فهناك أناس يعتقدون بوضعها بمكان مقدس كالجامع أو الكنيسة على أمل أن يكون طفلهم
رجلاً صالحاً بالمستقبل، لكن علم الاجتماع يرى بهذه الظاهرة شعوذة بينما يذهب الطب
الحديث بأن دم الحبل السري يمكن الاستفادة من خلاياه الجذعية في المستقبل وهو ثورة
حقيقية في علم الطب .
عادت قصص الحبل السري الخرافية للتنتعش عندما
بدأ علماء بأمريكا و أوروبا بدراسات على الخلايا الجذعية وكيف بالإمكان استعمال
الخلايا الجذعية الموجودة بالحبل السري في الطب وهي كانت أحلام في المستقبل ، فكان
لديهم إحساس بأن هذه الخلايا الحية التي تنزل من رحم الأم لها قوى خاصة يجب
الاستفادة منها وليس عندهم القدرة العلمية للاستفادة منها ولذا في القديم حاكوا
حولها الخرافات ، وما كان خيال علمياً فيما يتعلق بالحبل السري أصبح الآن واقعاً
علمياً .
الشيء الجديد في الطب الآن على مستوى العالم
هو دم الحبل السري و دم المشيمة وفقاً لما قاله الدكتور أحمد الشيخ مدير مشفى
الأطفال التخصصي في مديمة حلب موضحاً :" إنه يتم استخلاص دم الحبل السري
والاحتفاظ به في بنوك دم الحبل السري وذلك ضمن درجة حرارة معينة لاستخدامه فيما
بعد، لأن دم الحبل السري غني بالخلايا الجذعية والتي من الممكن تخصيصها لتصنيع
الدم و أن تساهم في توليد كريات الدم الحمراء وتقوية جهاز المناعة ، وهذا يفتح
آفاقاً جديدةً في علاج أمراض الدم و سرطان الدم ، و هو بالتالي فتح جديد أو حتى
ثورة حقيقية في عالم الطب باستخدام هذه الخلايا "
وتابع :"الخلايا الجذعية هي خلايا غير
متخصصة وغير مكتملة الإنقسام ومن الممكن ضمن ظروف مناسبة لها أن تنقسم و تولد
الخلايا الأصلية، وهذا ما يعملون عليه الآن في العالم من خلال الاحتفاظ بدم الحبل
السري ببنوك مخصصة لهذه الغاية حيث يأخذون الدم من الحبل السري والمشيمة تماماً
مثل تبرع الدم ، وليتم الإستفادة من دم الحبل السري في المستقبل".
No comments:
Post a Comment