Monday, October 22, 2018

اسطورة الإكسير


مادة سرية اعتقد الكيميائيون القدماء أنها تحول المعادن الرخيصة إلى فضة وذهب . وهي ترادف ما يعرف بـ " حجر الفلاسفة " . وينفذ هذا الإكسير إلى المعادن ويسري فيها كما يسري الدم في الجسد وتكفي كمية صغيرة ـ فياعتقادهم ـ لتحويل ما يعادل وزنها مليون مرة من المعدن إلى ذهب . ولا يمكن الاحتفاظ بالإكسير إلا في آنية من الذهب أو الفضة أو البللور لأنه يتفاعل مع الزجاج . وقد ورد في كتاب " مفاتيح العلوم " أن الإكسير هو الدواء الذي يحول المعدن المصهور إلى ذهب أو فضة عند غليهما معاً . وتذهب بعض الروايات العربية إلى أن الإكسير مادة تطيل حياة الإنسان بتخليص جسده من الأمراض . وقد ظل المشتغلون بالكيمياء قروناً طويلة يحاولون تحضير إكسير الحياة من مركبات مختلفة ولم يتوصلوا إلى أي نتيجة .

إكسير الحياة، (بالإنجليزية: Elixir of life) المعروف أيضًا بإكسير الخلود وأحيانًا يساوى بينه وبين بحجر الفلاسفة: هو عقار أسطوري أو مشروب يضمن لشاربه حياة أبدية أو شباب أبدي، وقد سعى إليه العديد من ممارسي الخيمياء (الكيمياء القديمة). وقيل أيضًا عن إكسير الحياة أنه يمكن أن يخلق الحياة. وهو أيضًا مرتبط بأسطورة تحوت إله المعرفة عند المصريين القدماء وهرمس الهرامسة، حيث قيل عن كل منهما في حكايات متفرقة أنه تناول "القطرات البيضاء" (الذهب السائل)، وحصلا بذلك على الأبدية. وقد ذكر في أحد نصوص نجع حمادي أن الماء معروف أنه إكسير الحياة حيث أنه مصدرٌ هامٌ لحياتنا.]

في الصين القديمة سعى العديد من الأباطرة للبحث عن الأكسير الخرافي لأسباب متنوعة. في أسرة تشين مثلا أرسل "تشين شي" هوانغ الخيمائي "شو فو" مع 500 رجل شاب و 500 امرأة شابة إلى البحار الشرقية لإيجاد الأكسير ,لكن لم يعودوا أبدا (تقول الأسطورة أنه وجد اليابان). يعتقد الصينيون أن التناول طويل الأمد للمواد الثمينة كاليشم والزنجفر والهيميتايت (أحجار كريمة) يعطي بعضا من طول العمر للشخص الذي يتناولها, وقد اعتبر الذهب قويا بشكل خاص , وفكرة الذهب المشروب و جدت في الصين في نهايةالقرن الثالث قبل الميلاد. في كتاب الخيمياء الصيني "دانجن ياو جو" بمعنى الصيغ الأساسية للخيمياء الكلاسيكية وهو منسوب الي الطبيب المختص المشهور "سن سيمياوي" وبدعى ملك الأطباء ويشرح بالتفصيل مكونات عقار الخلود وهو مكون من الزئبق و الكبريت وأملاح الزئبق والزرنيخ و من المفارقات أن جميع هذه المواد سامة. توفي الأمبراطور جياجينغ من سلالة مينغ بفعل تناوله جرعة قاتلة من الزئبق موصوفة له من قبل الخيميائيين التي من المفترض أن تكون اكسير الحياة وهناك قائمة باسم الأباطرة الصينيين الذين ماتوا للسبب عينه

تُعتبر أسطورة أكسير الحياة واحدة من الأساطير التي لا يُمكن أن يمحوها الزمن تحت أي ظرف من الظروف، كيف لا وقد ظهرت قبل آلاف السنين واستمرت شامخة حتى الآن في الوقت الذي ظهرت فيه الكثير من الأساطير وسقطت سريعًا دون أي قدرة على الصمود، وهو ما يدل على عِظم تلك الأسطورة وصلابتها، كما أن موضوع الأسطورة نفسه، والذي يتعلق بمنح الحياة الأبدية للأشخاص كان دافعًا قويًا لاستمرارها حتى الآن ومرورها بفترات طويلة كان الناس يؤمنون بها أكثر من أي شيء آخر، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف بالتفصيل على أسطورة أكسير الحياة، كيف ظهرت وما هو مدى صحتها، وهل حقًا يُمكن أن تكون هناك شيء بهذه الكيفية؟

أكسير الحياة أسطورة قديمة جدًا، يتناقلها الناس منذ أن عرفوا الكلام، فهم يبحثون في كل وقت عن القصص والأساطير والحكايات المُسلية، لكن ما جعلهم يتشبثون بتلك الأسطورة بالذات رغبتهم في الخلود، حيث بدا لهم أن الموت شيء عصيب جدًا، يُفضلون أي شيء آخر ولا يُفضلون المرور به بيوم من الأيام، ونحن نتحدث خاصةً عن الذين أحبوا الحياة وأخذوا كل ما بها من متع وعرفوا أن فراقها سيكون موجعًا، أو الذين لهم أحباء في هذه الحياة ويريدون المكوث بجانبهم طوال الوقت، لكل هذا كان الهوس بأسطورة أكسير الحياة وتنقلها في كل مكان وزمان دون كلل أو ملل. تقول أسطورة أكسير الحياة ببساطة أن ثمة وصفة أو مشروب سحري يُمكن لمن يتجرعه أن يظل على قيد الحياة للأبد، أو على الأقل يظل محميًا من الموت ومن كل أسبابه، وفي كل الحالات فإن أسطورة أكسير الحياة تجعل من الحصول على هذا الإكسير أمر شبه مستحيل، لكنها تعد من يصل إليه بأفضل حياة قد يعيشها إنسان على وجه الأرض، وبالرغم من كل أساليب التعتيم القديمة وعدم وجود طرق تواصل مثل التي تتواجد حاليًا إلا أن أسطورة أكسير الحياة لاقت انتشارًا واسعًا مما دفع البعض إلى البحث عن كيفية ظهورها وانتشارها.

ظهور أكسير الحياة هناك اختلاف كبير حول ظهور أكسير الحياة وانتشاره، فهناك من يقول إنه قد ظهر في العصر الفرعوني بمصر، واستدلوا على ذلك ببعض النقوش على المعابد وأيضًا بطش الفراعنة وتجبرهم، حيث أنهم كانوا يطلبون أشياء غريبة ويقولون أشياء أغرب، فمثلًا كانوا يدعون الألوهية، وقد ظهر ذلك جليًا في فرعون موسى، والذي طلب طلبًا غريبًا آخر من وزيره، وهو بناء سلم كبير يمكنه أن يصعد به إلى السماء، ولهذا لم يستبعد البعض أن يكون أحد الفراعنة قد طلب أيضًا وجود أكسير الحياة كي يكون بإمكانه الخلود للأبد، وبغض النظر عما حدث بعض طلبه فإن هذا ما يؤكد أن الفراعنة هم أصل هذه الأسطورة والسبب الرئيسي في انتشارها، لكن، هل هذا كلام لا جدال فيه؟ بالطبع لا، فهناك الصين أيضًا. أكسير الحياة والصين البعض الآخر يرى أن أكسير الحياة لم يكن أبدًا من صناعة الفراعنة، وإنما كان الصينيون هم الملاذ الأول له وحاضنوه، حيث يقال إن أحد ملوك الصين القدماء قد أمر حكمائه بالبحث عن شراب وإكسير يمنحهم الخلود وحكم الحضارة الصينية للأبد، ولأن هؤلاء الحكماء كانوا يعتقدون بعدم صحة مثل هذه الأمور وأنه لا يُمكن أبدًا أن يكون هناك أكسير يمكنه فعل هذا الأمر فقد ألهوا الملك المجنون بطريقة أكثر جنونًا منه.

 أقنع الحكماء ملكهم المجنون أن ثمة أكسير الحياة بالفعل، وأنه موجود بمكانٍ ما يحتاج إلى أشخاص أقوياء ليجلبوه منه، فما كان من الملك إلا أن صدق هذا الأمر وأرسل أكثر من خمسمائة جندي أقوياء من جنوده إلى هذا المكان ليجلبوا له أكسير الحياة، ويُقال إن الجنود قد لقوا حتفهم وكذلك الملك، والذي أرسل الجنود للبحث عن الحياة الأبدية فلم يلبث بعدها سوى شهور قليلة، ليموت وتُغلق معه هذه القصة، لكنها فيما بعد أصبحت أسطورة وأصبح الناس مهوسين بها جدًا. تجارب أكسير الحياة إن من أصعب الأشياء التي يُمكنك أن تفعلها لشخص ما هي أن تمنحه الأمل في الوقت الذي لا يكون الأمل فيه مفيدًا له، وهذا ما فعله أصحاب هذه الأسطورة والناقلين لها، حيث أن الناس مع الوقت باتوا يقتنعون بأن أكسير الحياة ليست أسطورة وإنما هي حقيقة وأنه ثمة إكسير فعلًا قادر على تخليدهم، المشكلة الحقيقية كانت في طريقة عمل هذا الإكسير وأماكن تواجده، ولهذا بدأ البعض يُبدعون في الإجابة على تلك الأسئلة ويُجربون أكسير الحياة، وكان على رأس هؤلاء الأغبياء شخص يُفترض أنه طبيب شهير، تشارلز إدوارد.

 تشارلز إدوارد، جنون الطبيب من أشهر التجارب الحديثة التي أُجريت وكان أكسير الحياة هو بطلها الأول تلك التجربة التي قام بها الطبيب الشهير تشارلز إدوارد، فقد كان طبيب في مجال الطب والأعصاب وكان مشهودًا له بالعقل والتعقل، لكن هوسه بسماع القصص التي تتحدث عن إكسير الحياة جعله يُقدم ذات ليلة على تناول مشروب يدعي أنه يحتوي على الخلاصة التي تمنحك نفس فاعلية المشروب المطلوب، إكسير الحياة. تشارلز قام بجلب خصيتي حيوان أحدهما الخنزير ثم قام بخلطهما راغبًا في الحصول على مبتغاه من خلال هذه الخطوة، لكن ما حدث أنه بعد تناول المشروب بأيام قليلة شعر بألم شديد في المعدة ولم تمضي ساعات حتى فقد حياته التي كان مُتشبثًا بها لدرجة أنه قد فكر في صنع مشروب يُبقيها للأبد، كان ذلك في عمر السادسة والسبعين، وعلى ما يبدو أنه أراد تجربة هذا الأمر في عمر متأخر حتى تكون النتيجة غير مؤثرة بالمرة، وذلك على عكس لاعب البيسبول الذي قلّده.

 لاعب البيسبول، التشبث المبكر بعد سنوات قليلة من وفاة تشارلز إدوارد إثر تناول مشروب خاطئ يزعم أنه أكسير الحياة أقدم لاعب بيسبول شهير على تناول نفس المشروب لكن بإضافة بعض المُحسنات عليه، كان حينها لا يزال في السادسة والأربعين من عمره، لكنه لم يكن واعيًا أبدًا لم يفعله، كل ما كان أمامه في هذا الوقت هو شرب ذلك المشروب والخلود الأبدي من أجل لعب تلك اللعبة التي تُمثل عشقًا كبيرًا له، لكن ما حدث أنه قد مات بعد أيام من تناول المشروب ليكتب نهاية مأساوية أخرى لأصحاب التجارب التي احتوت على مشروب أكسير الحياة، أو هكذا كانوا يزعمون. صديقة الملك هنري الثاني، الفتاة الذهبية من ضمن قصص أسطورة أكسير الحياة أيضًا تلك القصة التي حدثت مع فتاة كانت صديقة للملك الفرنسي هنري الثاني وتعيش معه في نفس القصر، حيث كانت تلك الفتاة تزعم أن أكسير الحياة يتمثل في مشروب مخلوط بكلوريد الذهب، وأنها ستبقى على نفس درجة الجمال الذي تتمتع به للأبد، وما حدث فعلًا أنها ظلت جميلة لفترة طويلة حتى بدأ الناس يصدقون أنها تشرب أكسير الحياة، لكنها قد ماتت فجأة في سن السادسة والستين منهية الأسطورة.

 ما كان يحدث مع الفتاة ببساطة هو أنها كانت تشرب مشروبًا من شأنه قتل مفعول نمو الأعضاء، ولهذا كانت تحتفظ بشبابها وجمالها لفترة طويلة، لكن ما إن جاء الوقت المناسب ماتت الفتاة مثلما هو الحال مع الكثير من الشباب الذين جربوا هذا الإكسير بناءً على نصيحتها ولقوا حتفهم. الأصل العلمي لأكسير الحياة تظل الأساطير مجرد أساطير حتى يؤمن بها الناس ذلك الإيمان الكبير الذي يجعلهم يبحثون خلف الأسطورة ويبدؤون في وضع أصل علمي مقبول عقلًا، هم ببساطة يفعلون ذلك لأنهم يُصدقون الأسطورة لأبعد حد، والحقيقة أن أغلب المحاولات التي جرت لمحاكاة هذا الأمر مع أكسير الحياة فشلت فشلًا ذريعًا، وكان يتضح في النهاية أن صاحب فكرة الأصل العلمي هذا مجرد رجل يبيع الوهم، وذلك على الرغم من أنه يكون غالبًا عالم من العلماء، لكن هذا لا منع من سيطرة فكرة الخلود عليه ورغبته في الظفر بكل ما بها من منافع، كل ذلك كان مجرد عبث حتى جاء المدعو أناتولي بروشكوف.

 بروشكوف عالم روسي يعمل في مجال الحياة المتجمدة، هذا العالم ظهر في يوم من الأيام وقال إن أكسير الحياة ليس نوع من أنواع الأساطير المجنونة، بل إنه حقيقة مُطلقة، ثمة بالفعل نوع من أنواع البكتيريا التي عثر عليها تحت جليد دولة سيبيريا تستطيع أن تؤدي مهمة الإكسير وتقوم بنفس الدور لكن بطريقة علمية لا تعتمد على الأساطير أو الجهل والخرافات، وقد أطلق بروشكوف على تلك البكتيريا اسم البكتيريا التي لا تشيخ. البكتيريا التي لا تشيخ عُثر على البكتيريا التي لا تشيخ بواسطة المتخصص في علم الحياة المتجمدة بروشكوف في أحد المناطق المتجمدة بسيبيريا، وقد قال الرجل أن تلك البكتيريا عمرها يزيد عن أكثر من ثلاثة ملايين ونصف عام وأنها تقوم بنفس المهام التي يقوم بها الشيء الأسطوري من وجهة نظرنا، وهو أكسير الحياة. يقول الطبيب بروشكوف أنه لا يتحدث بحديث مُرسل، وإنما هو في الحقيقة يستند على بحث ودراسة، فتلك البكتيريا تمتلك من الجينات ما يجعلها تقوم بنفس المهمة التي يقوم بها أكسير الحياة، ولمزيدٍ من الإثبات قام ذلك الشخص بحقن نفسه بالبكتيريا وتجربتها على نفسه، ويقول إنه كان يعاني من الأمراض لكنه بدأ يشعر ببعض التحسن عقب تناوله للبكتيريا، حيث أنها حسب قوله ما إن تدخل إلى جسم الإنسان حتى تُعزز من المناعة وتقوي من الأجهزة الموجودة في الجسم بشكل عام، وهذا ما يُنتج في النهاية الخلود الذي نبحث عنه، وتتحدث عنه الأسطورة منذ قرون طويلة.


No comments:

Post a Comment