تتباهى بعض المعابد والمتاحف في اليابان باقتنائها لأكثر رفات الجثث ندرة
في العالم والتي يسمى الواحد منها بالمومياء وهي مومياءات لـ "شياطين" و
"عفاريت" و "تنغو" و "كابا" ومخلوقات أسطورية أخرى.
حتى أن بعض المعاهد في المناطق الشمالية من البلاد تحتفظ بما يسمى
بـ"المومياءات الحية" وهي ذات منشأ بشري تعود لأشخاص ضحوا بحياتهم في
المعابد خلال طقوس مخصصة لذلك تستمر لأكثر من 5 سنوات ونصف. وبالرغم من أن بعض
بقايا المومياءات تحتوي على أعضاء مأخوذة من حيوانات أخرى ما يجد أصل الكثير من
تلك المومياءات تفسيراً لحد الآن، وهذا ما ما ساهم في تضخيم درجة الغموض الذي
يلفها.
على سبيل المثال تعرض عدة متاحف مومياءات لـ حوريات (نصفه سمكة والنصف
الآخر بشر)، لكن لا يبدو أن شكل تلك المومياءات يدعو للإطمئنان فهي تشبه شياطين من
عالم آخر. وكان المهرجون في حقبة حكم سلالة إيدو في اليابان يتنقلون في أنحاء
البلاد ويقدمون عروضاً مسلية تحتوي على وحوش مركبة من عظام سمكة كبيرة بينما النصف
العلوي كان مأخوذاً من نصف جسم القرد. وما زال أثر تلك الخرافات حول الحوريات
مسيطراً إلى يومنا هذا.
من جانب آخر لم يعثر على أصل لتلك المومياء ذات الثلاثة وجوه التي اكتشفت
في أوائل القرن الثامن عشر في معبد زينغيوجي في مدينة كانازوا من مقاطعة إيشيكاوا
حيث فشلت كل المحاولات في معرفة كيفية تركيبها ! ، وفي هذه المومياء نلاحظ وجود
وجهين ملتصقين في مقدمة الجمجمة بينما الوجه الثالث يقع في خلفها، وشكل المومياء
أقرب ما يكون كابوساً في مخيلة طفل. وحتى يومنا هذا ما زال ذلك المخلوق موجوداً في
المعبد حيث يعتبر مخلوقاً مقدساً بالرغم من أن إصابة من اكتشفه بمرض لم يشفى منه
إلا بعد أن جلبت المومياء إلى المعبد.
يوجد أيضاً جسم محنط آخر يلفه الغموض في متحف هوشينوهي من مقاطعة أوموري
في شمال اليابان وهو يمثل مخلوقاً يدعوه اليابانيون بـ تنغو Tengu وهو إله الهواء بالنسبة لمعتقدهم، وكما هو مبين في الصورة يشبه
إنساناً وطيراً ، فالجمجمة لها شكل بشري واضح ولكن أيضاً يوجد آثار ريش وأرجل تشبه
أرجل الطير، يعود أصل ذلك الجسم إلى المناطق الجنوبية في اليابان حيث توارثته
العائلات جيلاً بعد جيل إلى أن وصل إلى مكانه الحالي. والبعض يقول أنها تخص نامبو
نوبويوري وهو زعيم قبيلة حكمت أراضي شاسعة في منتصف القرن الثامن عشر لكن لم يتم
التأكد بعد من صحة تلك الإدعاءات.
بعض المعابد البوذية في المناطق الشمالية من اليابان تحتفظ بما يسمى
"المومياءات الحية" وهي بقايا الكهنة الذين ضحوا بأنفسهم بهدف الوصول
إلى مرتبة النيرفانا (أعلى مرتبة في البوذية وتمثل الفردوس الأعلى)، لا يعتبر
القتل شيئاً صعباً ولكن تحويل ذلك الجسد إلى مومياء محفوظة على نحو مذهل يعتبر
عملاً فنياً حقيقياً، وهناك أدلة على أن حوالي مجموعتين من الكهنة حاولوا التضحية
بأنفسهم، ومنذ حوالي أواخر القرن التاسع عشر اعتبر فعل التحنيط الذاتي محرماً في
اليابان.
على الكاهن الذي كان يرغب بتحويل نفسه إلى مومياء أن يتبع إجراءات متعددة
فأولاً عليه أن يعيش فقط على البذور والمكسرات لمدة 1000 يوم وخلال تلك المرحلة
عليه أن يخضع لتمارين عضلية قاسية تفرغ مخزون جسمه من الدهون، ومن ثم يعيش على
لحاء الشجر والجذور لفترة 1000 يوم أخرى، وبعدها يبدأ بالإعتماد على مشروبات سامة
تحضر من أوراق الشاي المغلية في ماء يحتوي على سم الزرنيخ، وفي النهاية يوضع جسده
في قبر ليموت مع وجود قصبة على سقف القبر لكي تساعده على التنفس. فإن لم يتضرر جسد
ذلك الكاهن بعد مرور سنة من ذلك فإن جسده سيمجد للأبد وبذلك يصل إلى مرتبة بوذا حسب
المعتقد.
No comments:
Post a Comment