Tuesday, October 23, 2018

سر حادث روزويل


في عام 1947 وبينما كانت طائرة صغيرة من النوع الخفيف يقودها الكابتن كينيث أرنولد تحلق فوق مرتفعات جبلية في ولاية واشنطن على ارتفاع 3000 متر لمع ضوء متوهج (فلاش) حول الطائرة، في حينها كان الجو صحواً والرؤية واضحة ولما كان كينيث ارنولد يتفحص السماء لمعرفة مصدر ذلك الضوء شاهد مجموعة تتكون من 9 أجسام طائرة ومعدنية متوهجة! قدر سرعتها بـ 2600 كم في الساعة وهي تعادل تقريباً ثلاثة أضعاف الحد الأقصى لسرعة أي طائرة نفاثة في ذلك الوقت.


ومنذ تلك الحادثة بدأ يتم تناقل تقارير مشابهة من أنحاء متعددة فوق سماء أمريكا حيث لم تكن تلك المشاهدات (عن الأجسام الطائرة المجهولة لمعروفة بـ UFO) الأولى من نوعها في العالم فحسب وإنما أيضاً أعلنت ولادة ظاهرة جديدة ما زالت تحيرنا وتدهشنا. ولعل حادثة روزويل تعتبر الأشهر في تاريخ تلك الظاهرة والتي زعم فيها تحطم طبق طائر في صحراء نيو مكسيكو والعثور على أنقاض المركبة و جثث لمخلوقات فضائية ! السلطات العسكرية آنذاك أعلنت من خلال مؤتمر صحفي : "أصبحت الشائعات المتعددة المتعلقة بالأطباق الطائرة حقيقة منذ البارحة وذلك عندما حالف الحظ ضابط الاستخبارات في مجموعة قاذفي القنابل من الأسطول الثامن من القوات الجوية في روزويل في الحصول على الطبق الطائر".وبدأت العناوين الرئيسية في نشرات الأخبار تقول:"طبق طائر في حوزة القوات الجوية !"


ولكن بعد انقضاء 24 ساعة فقط على ذلك التصريح ، غير الجيش القصة وصرح بأن الجسم الغريب الذي كان يظن أنه "طبق طائر" هو في الواقع بالون (منطاد) لرصد الأحوال الجوية تحطم في مزرعة مجاورة. الشاهد الرئيسي الميجور جيسي مارسيل وهو ضابط استخبارات ذهب إلى مكان التحطم وجمع الأنقاض ووصفها أنها معدنية رقيقة تبدو للعيان هشة لكنها من الخارج صلبة بشكل لا يصدق. فهي كخشب البلسا (خشب يضرب به المثل لخفته) كما لا يمكن قطعها أو حرقها. في حينها تم تجاهل تلك الإفادة مع الأفادات المشابهة ولم تؤخذ على محمل الجد من قبل الجمهور باستثناء فئة قليلة من المعتقدين بصحتها.


شهد الأسبوع الأخير لحادثة روزويل منعطفاً أكثر دهشة بعد تصريحات الملازم ولتر هاوت وهو ضابط العلاقات العامة في القاعدة الجوية عام 1947 وهو أيضاً الرجل الذي صرح بمؤتمرات صحفية متتالية بعد حادثة التحطم تلك وبأمر من قائد القاعدة الكولونيل ويليام بلانشارد، توفي ولتر هاوت في 2006 بعد أن أقسم بأنه لن يتم الكشف عن سر إفادته إلا بعد موته. في الأسبوع الأخير تم الكشف عن النص وفيه أن قصة بالون رصد الأحوال الجوية تم اختلاقه بغرض التغطية على القصة الحقيقية وان الأغراض التي عثر عليها من قبل قوات الجيش تم تخزينها في المستودع وويضيف بأنه لم ير فقط المركبة الفضائية وأنما جثث المخلوقات الفضائية وهو لم يكن أول شاهد يتحدث عن تلك المخلوقات.


الحانوتي المحلي غلين دينيس صرح أيضاً أن السلطات في روزويل اتصلت به بعد وقت قصير من حادثة تحطم الطبق الطائر وطلبوا منه إحضار عدداً من التوابيت الصغيرة كأحجام الأطفال وعندما وصل للقاعدة أخبرته الممرضة (التي اختفت فيما بعد) بأن جسماً طائراً مجهولاً (UFO) تحطم وتم العثور على جثث مخلوقات صغيرة من الفضاء الخارجي وشبيهة بالبشر ! فحص أشلاء المركبة مع ذلك يبقى ولتر هاوت الشاهد الوحيد الذي زعم أنه رأى جثث المخلوقات ، إفادة ولتر هاوت تتكلم عن اجتماع عال المستوى جرى التحضير له حيث حضره مع كل من قائد القاعدة الجوية ويليام بلانشارد وقائد الأسطول الثامن للقوات الجوية الجنرال روجر رامسي، يذكر ولتر هاوت أنه في ذلك الاجتماع وزعت أنقاض من الطبق الطائر على المشاركين لكي يتفحصوها ولم يكن أحداً منهم قادراُ على تحديد المادة المصنوعة منها.


كما قال أيضاً أنه جرى عقد مؤتمر صحفي لأن السكان المحليين علموا مسبقاً بموقع الارتطام لكنهم لم يكونوا يعلمون بالموقع الآخر لأكثر أهمية حيث سقط فيه المزيد من أشلاء المركبة. كانت الخطة تقتضي تأكيد ما جرى من حادثة التحطم في الموقع الأول الذي تم اكتشافه من قبل مزارع محلي بهدف صرف النظر عن الموقع الثاني الأكثر حساسية.


تحدث هاوت أيضاً عن عملية إزالة انقاض امتدت لعدة أشهر بهدف إلغاء أي أثر كبير أو صغير عن الحادثة غير العادية ، قام بتلك العملية أقراد من الجيش حيث جالوا المنطقة بحثاً عن جميع القطع المتبقية ومسحوا أي أثر أو علامات تدل عليها.يخبرنا هاوت أيضاً كيف أخذه الكولونيل بلانتشارد إلى المبنى رقم 84 وهو أحد المستودعات في روزويل وأراه المركبة نفسها.يصفها هاوت على النحو التالي : كانت معدنية وبشكل بيضاوي يتراوح طولها من 3.6 إلى 4.5 متر وعرضها 1.8 متر. كما قال أنها بدون نوافذ أو أجنحة أو ذنب كما هو موجود في الطائرات الأخرى.


رأى جسدين على الأرض مغطاة جزئياً بالتارباولين (عبارة عن نسيج مقاوم للماء من مادة البوليستر). ويصفهم بالقول أنهم كانوا بطول 1.2 متر وكانت رؤوسهم طبيرة بشكل غير مألوف. وفي نهاية إفادته يصل إلى استنتاج: "أنا مقتنع بأن ما قمت بتفحصه شخصياً هو نوع من المركبة وطاقم من الرواد الذين قدموا من الفضاء الخارجي" ومن أكثر ما يثير الاهتمام حول ولتر هاوت أنه في العديد من المقابلات التي أجريت معه قبل وفاته كان يخفي دوره ولم يصرح بمثل تلك المزاعم ! وإن كان فعلاً يريد الشهرة لكان تحدث عن المركبة والجثث في حياته ؟! هل خشي من السخرية ؟ أم أن شهادته بعد وفاته كانت نوعاً عن الاعترافات التي يدلي بها الناس على سرير الاحتضار ؟ هل كان ممن عملوا على التستر على الحادثة أم ممن ظلوا مخلصين للنهاية ؟!


كانت الحكومة الأمريكية تحت ضغط كبير في التسعينيات بسبب حادثة روزويل وفي يوليو 1994 وكاستجابة لطلب من المكتب العام للمحاسبة ، قام مكتب الأمانة العامة للقوات الجيش بنشر تقرير عن روزويل بعنوان "صحراء نيو مكسيكو بين الحقيقة والخيال" ،يقول التقرير أن حادثة روزويل مرتبطة بمشروع Mogul وهو مشروع فائق السرية يستخدم بالونات تحلق على ارتفاعات عالية في الغلاف الجوي ومزودة بمجسات وأجهزة بهدف التجسس عن أي دليل استباقي عن أي اختبارات نووية يجريها الاتحاد السوفييتي آنذاك.الشهادات المتعلقة بالبالون المتحطم كانت مجرد قصة تمويهية ولكنها لا تخفي أية حقائق على الإطلاق عن مخلوقات من الفضاء الخارجي. كما أزال التقرير الثاني الذي نشرته القوات الجوية الشك حول المزاعم التي روجها الناس عن وجود جثث لمخلوقات جرى جمعها بالقول أنها بالواقع "دمى اختبارية" كان يتم اسقاطها من البالونات. وطبعاً لن يأخذ المتشككون بالشهادات التي خلفها ولتر هاوت حول الحادثة.


وأخيراً ... تبقى حادثة روزويل مذهلة ولكنها قصة من غير دليل. وعلى الرغم من انقضاء 60 سنة لا زال لغز روزويل يكتنفه الغموض !.


No comments:

Post a Comment