في عام 1938 وخلال عمليات التنقيب عن الآثار في قرية عراقية تسمى خوجه رابو بالقرب من مدينة بغداد اكتشف العمال جرة صغيرة مصنوعة من الفخار المائل للصفرة وبطول 15 سنتمتر يعود تاريخها إلى ألفي سنة مضت، أصبحت تلك الجرة ذات أهمية كبرى في عندما أثارت انتباه مشرف المتحف العراقي العالم الألماني ويليم كونيگ. حيث لاحظ أن مكوناتها تشبه جداً مكونات البطارية الكهربائية!،وتم بناء نماذج مماثلة لها فأنتجت تياراً كهربائياً!، وفي عام 1940 حرر كونيگ ورقة يقول فيها أن البطارية تشبه في عملها خلايا جلفانية ، يقول الدكتور بول كرادوك المسؤول في المتحف البريطاني: "ان البطاريات جذبت كثيرا من الاهتمام. وهي بالغة الأهمية لاننا لا نعرف أحدا وقع على اكتشاف كهذا. وهي من الألغاز التي يصعب فهمها او حلها". وتقول معظم المصادر إن تاريخ هذه البطاريات يعود إلى حوالي 200 قبل الميلاد وفي تاريخ الشرق الأوسط، الحقبة الساسانية - ما بين 225 و640 بعد الميلاد - تشكل الفترة الانتقالية بين الحقبة الوسيطية العلمية والحقبة الوسيطية الاكثر علمية. وتقول الدكتور مارجوري سينيكال، أستاذة تاريخ العلوم والتكنولوجيا في كلية سميث بالولايات المتحدة: "لا أظن ان أحدا يستطيع أن يحدد الغرض من هذه البطاريات في ذلك العصر." ، تعرض الجرة حالياً في متحف العراق الوطني كما عثر أيضاً على حوالي 12 جرة أخرى لها نفس مكونات البطارية المكتشفة، ويبقى السؤال قائماً
لماذا اخترع العراقيون
القدماء هذه البطارية الكهربائية و لأي هدف كانت تستخدم؟
يفترض كونيك أنه ربما استخدمت تلك البطارية في عملية طلاء كهربائي لتحويل المواد الذهبية إلى فضية.وإذا كانت النظرية صحيحة، فإنها ستمحي التاريخ المعروف لإكتشاف البطارية الحالي (الذي هو على يد العالم ألساندرو فولتا 1800 وهي خلية كهروكيميائية) لأكثر من الف سنة من التاريخ الحالي، قناة ديسكفوري وبرنامجها الشهير "ميث باستر" أوضح أن الناس القدماء ربما أستخدموا البطارية كوسيلة للطلاء الكهربي والتحليل الكهربي. على أية حال فإن البطارية لم تنتج طاقة كبيرة وأحتاج لوصلها في سلسلة من المراحل لإختبار النظرية. كما أن البعض يعتقد أن البطاريات كانت تستعمل في المجال الطبي فقد كتب الإغريق القدامى عن تخفيف الألم الناتج عن الأسماك الكهربية عندما توضع هذه الأسماك على القدمين. واكتشف الصينيون المعالجة بالإبر في هذه الحقبة. ولا يزال الصينيون يستعملون الإبر الصينية مصحوبة بتيار كهربائي. وهذا قد يفسر وجود ابر بالقرب من البطاريات التي عثر عليها بالقرب من بغداد.
يرى بعض علماء الآثار أن الإختبارات الكهربائية تمثل عائقا أمام العلم التطبيقي الأثاري؛ لأن مثل هذه التجارب توضح فقط بإمكانية حدوثه فيزيائياً. ولم يسبق أن امتشفنا نصاً أثرياً يوضح استخدامها في حياتهم . والأبعد من ذلك، هناك العديد من الصعوبات التي تقف أمام اعتبارها "بطارية" فعلية:
1-يغطي القار الإسطوانة بشكل كلي، يعزله عن الكهرباء، فلا يمكن توصيل الكهرباء بالنحاس إلا إذا تم تغيير هذه الهيئة.
2-ليست هنالك أي أسلاك أو مواد موصلة مع القطع.
3-لا أجهزة كهربائية مقبولة ترتبط بها.
4-الختم القاري، ممتاز على المدى البعيد للتخزين على المدى الطويل، وسيكون غير مناسب كخلية كهربائية، التي تتطلب زيادة متكررة في المحلول (إذا هم نووا استخدامها في ذلك).
5-يلاحظ أخرون أن لها إستخدامات تشبه أدوات أخرى، أواني تخزن فيها النصوص المقدسة بالقرب من سلوقية بالقرب من دجلة، ليس هناك شبه بينها لكنها متشابهة نسبياً. وبما أنه قد ذكر تعرضها للمناخ، فإنه ليس من المستغرب تعفن ورق البردي أو أوراق الكتابة، تاركاً بذلك أثراً عضوياً حامضيا.
تحتوي على أسطوانة مجوفة بشكل صفيحة من مادة النحاس ، وكان أعلى الإسطوانة النحاسية مغطى بصفيحة من مزيج الرصاص و القصدير وأسفلها مغطى بقرص نحاسي جرت تغطيته بمادة الإسفلت أو القار، كذلك يوجد طبقة من الإسفلت تغطي الجرة وفي وسط الجرة علق قضيب من الحديد في منتصف الإسطوانة النحاسية حيث عثر على آثار مادة حمضية.
عندما كانت تجري عمليات الحفر في قرية عراقية تسمى خوجه رابو بالقرب من بغداد، في يونيو عام 1936، عثر عمال مد خطوط السكك الحديدية على قبر مغطى بألواح من الحجر. وخلال الشهرين التاليين، استطاعت هيئة الآثار العراقية أن تستخرج من هذه المقبرة ثروة من الآثار التي يعود تاريخها إلى 248 قبل الميلاد إلى 226 ميلادية، وكان من بينها 613 خرزة ملونة، وأوعية فخارية، وألواح عليها نقوش. وقد وجدوا بين هذه الأشياء بعض الأدوات الغريبة مثل أسطوانات نحاسية، وقضبان حديدية، يعلوها صدأ شديد. وبعد تأمل طويل، استنتج العالم الأثري الألماني ويليم كوينيج، المسؤول عن متحف الآثار العراقي في ذلك الوقت، أن هذه الأشياء مع الأواني الفخارية كانت تصنع بطاريات كهربائية بدائية.
أصبحت هذه القطع ذو أهمية كبرى في عام 1938، عندما انتبه لها مشرف المتحف العراقي العالم الألماني ويليم كوينيج. وبعد سنتين أعلن كوينيج أن البطارية تشبه في عملها خلايا جلفانية، وربما استخدمت في عملية الطلاء الكهربي لتحويل المواد الذهبية إلى فضية. وهذا التعبير مبني على الإمكانية الافتراضية. وإذا كانت النظرية صحيحة، فإنها ستمحي التاريخ المعروف لاكتشاف البطارية الحالي.
يقول العالم الألماني عن ذلك: (وجدنا شيئاً غريباً إلى حد بعيد. وصل إلى يديّ بعد أن تداولته عدة أياد. وعاء فخاري مثل آنية الزهور، لونه أبيض يميل إلى الصفرة، كانت قد انتزعت فوهته. كانت بالوعاء الفخاري اسطوانة نحاسية جرى تثبيتها بشكل محكم بالاعتماد على القار (الزفت). كانت ارتفاع الآنية حوالي 15 سنتيمترا. أما الاسطوانة النحاسية المسدودة من الأسفل فقطرها يبلغ 26 مليمتراً، وارتفاعها 9 سنتمترات. كان بداخل هذه الاسطوانة، ومعزول عنها بطبقة من القار، قضيب حديدي يعلوه الصدأ تماماً، ويبرز طرفه العلوي لمسافة سنتيمتر واحد فوق المادة العازلة. وهذا الطرف تكسوه طبقة لونها رمادي يميل إلى الاصفرار، ويعلوها الصدأ بالكامل، وتبدو وكأنها من الرصاص. والطرف السفلي لقضيب الحديد لا يصل إلى قاع الاسطوانة النحاسية، فقد كان ذلك القاع مغطى بطبقة من القار، ارتفاعها ثلاثة مليمترات).
والسؤال الذي طرح نفسه، حول وظيفة هذا الشيء، ظهرت له أغرب الإجابات. فبعد تفكيك هذا الشيء إلى عناصره، ثم إعادة تركيبه على وضعه الأصلي، كان من الواضح أنه عبارة عن جهاز كيميائي، يكفي أن تضيف إليه محلولاً حمضياً أو قلوياً حتى يشرع في العمل..).
طلاء المعادن بالذهب
هذا الأثر التاريخي، يفيد أن الناس الذين سكنوا تلك المنطقة ما بين 248 قبل الميلاد-226 ميلادية، كانوا يستخدمون الكهرباء.. وأن العالمين الشهرين فولتا وجالفاني اللذين نسب إليهما اختراع البطارية الأولى، اقتصر جهدهما على إعادة تقديم اختراع قديم معروف إلى العالم الغربي.
عند عودة العالم ولهلم وكوينيج إلى ألمانيا، ربط بين ما عثر عليه في بغداد وبين العديد من الآثار العراقية الشبيهة في متحف برلين، قضبان حديدية، وعوازل من القار، واسطوانات نحاسية، كلها يبدو عليها التآكل والصدأ، الذي يرجح أنه من تأثير مادة حامضية. من هذه الأشياء أمكن تركيب عشر بطاريات، وفي رأي كوينيج، كان قديماً يتم توصيل هذه البطاريات أو الأعمدة الكهربائية بعضها بالبعض لمضاعفة قوة التيار الكهربائي الصادر عنها. ويرى أيضاً أن الغرض من هذه البطاريات كان طلاء التماثيل والحلي بالذهب عن طريق الترسيب الكهربائي.
كان من المفروض أن يحظى هذا الاكتشاف باهتمام واسع في الأوساط الأثرية، إلا إن هذا لم يحدث. فما هو تفسير هذه الظاهرة الغريبة؟
العالم الكيميائي والطبيعي، وأمين متحف العلوم البريطاني والتر وينتون، عند زيارته لبغداد عام 1962 لإعادة تنظيم المتحف العراقي في مبناه الجديد، كتب يقول: (قل لأي عالم طبيعي أن التيار الكهربائي كان يستخدم قبل جالفاني بحوالي 15 قرناً، وستسمع كلماته تندفع على الفور: استحالة، فكرة سخيفة، خداع. وللحقيقة كان ذلك رداً فعلياً عندما سمعت بالموضوع لأول مرة. كان الشك يسودني ، وقلت لنفسي، لابد أن الأمر لا يعدو كونه مجرد تفسير خاطئ لأشياء وجدت، أو أن الأمر بأكمله عملية تزوير وخداع. ذلك لأن هذه الواقعة الأثرية إذا ثبتت علمياً، فإن ذلك سيكون أكبر حدث في تاريخ العلم.
على أي حال، ما أن درس وينتون أجزاء الكشف الأثري، حتى أيقن أنه أمام عناصر خلية كهربائية بدائية. وهو اليوم يقول: (لأنني لم أكن عالماً أثرياً، فقد قفزت مباشرة إلى التصور العلمي. وما زلت لا أرى ما يمكن أن يكون لهذا الجهاز من وظيفة غير ما ذكرت. كما أن أحداً لم يتقدم بتفسير بديل منذ ذلك التاريخ. لإثبات ما أقول علمياً، لن نحتاج إلى أكثر من بعض الأدوات البسيطة، مثل الموصلات الكهربائية السلكية. بعد كل هذا يمكننا أن نكرر على أهل ذلك الزمان الاستخدام العملي للكهرباء؟ أنا اليوم على ثقة من أن قدرات البشر القدماء قد نظرنا إليها بكثير من الاستهانة، وعدم المعقولية لا تنسحب على انجاز القدماء، بل تنسحب اساساً على عقول المنكرين، ان الافتخار بانجازاتنا العلمية المعاصرة، يجعلنا غير مستعدين لتقبل فكرة أن التيار الكهربائي كان من الممكن أن يستخدمها سكان ما بين النهرين منذ 2000 سنة..).
تجارب ناجحة على بطارية بغداد
لقد ساند كوينيج في اكتشافه عالم الماني آخر، هو الدكتور آرن آيجبريشت، عالم الآثار المصرية في هلديسهايم بالمانيا الغربية. وقد بدأ اتصاله بالموضوع عندما أقيم معرض الجوال للآثار العراقية القديمة في المتحف الذي يعمل به. وكان من أكثر ما لفت نظره، وسط التماثيل المرمرية الدقيقة للملوك القدماء والألواح ذات الكتابة المسمارية، والأواني الفخارية الجميلة، كانت المجموعة المتواضعة للاسطوانات النحاسية، والقضبان الحديدية، وأوانيها الفخارية. وكما قال كوينيج، قال عالم المصريات ايجبريشت: (اذا ما وضعت كل هذه الأشياء معاً، فلا يمكن أن يعني هذا لأي عالم سوى أنه عمود كهربائي أو بطارية..).
ومنذ أن التقى ايجبريشت بهذه العجيبة، بدأ على الفور سلسلة من التجارب لاختبار نظريته، باستخدام قطع مقلدة، نسخة طبق الأصل من قطع وأجزاء بطارية بغداد. أما بالنسبة للمحلول القلوي الذي أشار إليه كوينيج، استخدم ايجبريشت عصيراً طازجاً مستخرجاً من العنب الذي اشتراه من أقرب فاكهي. بمجرد أن سكب السائل في الاسطوانة النحاسية، تحرك مؤشر الفولتيميتر الموصل بالبطارية، مسجلاً سريان تيار كهربائي مقداره نصف فولت.
والعالم ايجبريشت ليس من هواة الجري وراء كل غريب، إنه يؤمن بأن وجود مثل هذه البطارية في ذلك الوقت، يمكن أن يساعد على كشف ألغاز فشل علماء الآثار في كشفها وتفسير أسرارها.
متاحف العالم زاخرة بالآثار المذهبة (المكسوة بالذهب)، وغالباً ما آثارت حيرة العلماء، الطريقة التي استخدمها القدماء في التذهيب. عمد القدماء في بعض الأحيان إلى دق وضغط رقائق الذهب حول الجسم المراد تذهيبه، أو لصق الرقائق على الجسم. إلا أن هذا لم يكن يستخدم في جميع الأحوال. على سبيل المثال، كان لدى ايجبريشت تمثال صغير لأحد الأصنام المصرية القديمة (أوزيريس)، يرجع تاريخه إلى عام 400 قبل الميلاد، والتمثال مصنوع من الفضة المصمتة ومغطى بطبقة من الذهب، على درجة عالية من الدقة والنعومة، بحيث يصعب تصديق أنها تمت باستخدام أساليب الطرق أو اللصق الخشنة. وهو يتساءل: ألا يجوز أن مثل بطارية بغداد، قد استخدم قديماً في طلاء المعادن بالترسيب الكهربائي؟. وكان من السهل الحصول على الإجابة عن هذا السؤال، وبين يديه النسخة التي صنعها من عمود بغداد الكهربائي.
قام ايجبريشت بتعليق تمثال فضي صغير بحيث يغمره محلول سيانيد الذهب. واستخدم نسخة البطارية في بث تيار كهربائي خلال التمثال، فحصل بذلك على تمثال مطلي بالذهب بعد أكثر من ساعتين. وقام بتكرار التجربة أكثر من مرة، فخطرت له فكرة مقلقة: ماذا لو أن العديد من الكنوز الأثرية القديمة التي تعرضها متاحف الآثار في أنحاء العالم باعتبارها مصنوعة من الذهب، ماذا لو أنها كانت من الفضة تكسوها قشرة رقيقة من الذهب؟..
كهرباء داخل الهرم
كذلك جرت تجربتان منفصلتان في الولايات المتحدة الأمريكية على نماذج مقلدة لبطارية بغداد. وقد استطاع العلماء أن يحصلوا من هذا العمود الكهربائي على تيار قوته نصف فولت على مدى 18 يوماً. وفي هذه التجارب استخدم أكثر من محلول داخل الاسطوانة النحاسية، خل تركيزه 5 في المائة، ونبيذ وكبريتات نحاس، وحامض كبريتيك، وحامض ستريك، وكلها معروفة لدى أهل ذلك العصر. وقد أكد العلماء الذين أجروا تلك التجارب على أن ما وجد بالقرب من بغداد، لا يمكن أن يكون قد صنع لغير ذلك الغرض.
نتيجة تؤدي إلى تساؤلات عدة!
إذا قبلنا بهذه الحقيقة، حقيقة استخدام الكهرباء في ذلك العصر، فأن افقاً واسعاً من الاحتمالات ينفتح أمامنا. وهو يطرح سؤالا هاماً: أليس من المحتمل أن يكون استخدام الكهرباء هو أهم عناصر علم الخيمياء القديم، الذي كان يسعى إلى تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة؟
ثم إذا انتقلنا من بغداد إلى اهرامات الجيزة، ألا يدفعنا هذا إلى اعادة النظر في الفكرة التي كانت بادية الحمق والتي نادى بها بعض العلماء، وتقول: أن بناة الاهرامات استخدموا في بعض مراحل البناء الضوء الكهربائي..
فالعلماء الذين درسوا الاهرامات، كانت تقف أمامهم مشكلة لا يجدون لها حلاً. في القرن التاسع عشر، أثار سير نورمان لوكيار هذا اللغز. في عمق الاهرامات، وسط الظلمة المطبقة، توجد رسوم رقيقة متقنة محفورة على الحجر. ومن الواضح أن الفنان المصري القديم كان يحتاج إلى ضوء من نوع ما ليمارس ذلك العمل الدقيق، ومع ذلك فلا توجد أي آثار للكربون المحروق على الجدران، الذي لابد أن تظهر علاماته على حائط الحجرة، حتى لو استخدمت في ذلك أفضل أنواع المشاعل والمصابيح الزيتية، من الأنواع التي كانت شائعة في ذلك الحين.
أمن الممكن أن يكونوا قد حصلوا على ضوء بإستخدام نوع من البطاريات؟.. على حوائط معبد دندرة توجد رسوم محفورة، تشبه بشكل ملفت التركيبات الكهربائية والإضاءة الكهربائية.. وبالرغم من عدم العثور على بقايا مادية لهذه الأشياء الموجودة في الرسوم حتى الآن، فقد يحدث هذا يوماً ما، بالضبط كما حدث في بطارية بغداد، عندما تقع هذه البقايا الأثرية بين يدي عالم أثري نادر الموهبة، يستطيع أن يتعرف عليها.
لماذا اخترع العراقيون
القدماء هذه البطارية الكهربائية و لأي هدف كانت تستخدم؟
يفترض كونيك أنه ربما استخدمت تلك البطارية في عملية طلاء كهربائي لتحويل المواد الذهبية إلى فضية.وإذا كانت النظرية صحيحة، فإنها ستمحي التاريخ المعروف لإكتشاف البطارية الحالي (الذي هو على يد العالم ألساندرو فولتا 1800 وهي خلية كهروكيميائية) لأكثر من الف سنة من التاريخ الحالي، قناة ديسكفوري وبرنامجها الشهير "ميث باستر" أوضح أن الناس القدماء ربما أستخدموا البطارية كوسيلة للطلاء الكهربي والتحليل الكهربي. على أية حال فإن البطارية لم تنتج طاقة كبيرة وأحتاج لوصلها في سلسلة من المراحل لإختبار النظرية. كما أن البعض يعتقد أن البطاريات كانت تستعمل في المجال الطبي فقد كتب الإغريق القدامى عن تخفيف الألم الناتج عن الأسماك الكهربية عندما توضع هذه الأسماك على القدمين. واكتشف الصينيون المعالجة بالإبر في هذه الحقبة. ولا يزال الصينيون يستعملون الإبر الصينية مصحوبة بتيار كهربائي. وهذا قد يفسر وجود ابر بالقرب من البطاريات التي عثر عليها بالقرب من بغداد.
يرى بعض علماء الآثار أن الإختبارات الكهربائية تمثل عائقا أمام العلم التطبيقي الأثاري؛ لأن مثل هذه التجارب توضح فقط بإمكانية حدوثه فيزيائياً. ولم يسبق أن امتشفنا نصاً أثرياً يوضح استخدامها في حياتهم . والأبعد من ذلك، هناك العديد من الصعوبات التي تقف أمام اعتبارها "بطارية" فعلية:
1-يغطي القار الإسطوانة بشكل كلي، يعزله عن الكهرباء، فلا يمكن توصيل الكهرباء بالنحاس إلا إذا تم تغيير هذه الهيئة.
2-ليست هنالك أي أسلاك أو مواد موصلة مع القطع.
3-لا أجهزة كهربائية مقبولة ترتبط بها.
4-الختم القاري، ممتاز على المدى البعيد للتخزين على المدى الطويل، وسيكون غير مناسب كخلية كهربائية، التي تتطلب زيادة متكررة في المحلول (إذا هم نووا استخدامها في ذلك).
5-يلاحظ أخرون أن لها إستخدامات تشبه أدوات أخرى، أواني تخزن فيها النصوص المقدسة بالقرب من سلوقية بالقرب من دجلة، ليس هناك شبه بينها لكنها متشابهة نسبياً. وبما أنه قد ذكر تعرضها للمناخ، فإنه ليس من المستغرب تعفن ورق البردي أو أوراق الكتابة، تاركاً بذلك أثراً عضوياً حامضيا.
تحتوي على أسطوانة مجوفة بشكل صفيحة من مادة النحاس ، وكان أعلى الإسطوانة النحاسية مغطى بصفيحة من مزيج الرصاص و القصدير وأسفلها مغطى بقرص نحاسي جرت تغطيته بمادة الإسفلت أو القار، كذلك يوجد طبقة من الإسفلت تغطي الجرة وفي وسط الجرة علق قضيب من الحديد في منتصف الإسطوانة النحاسية حيث عثر على آثار مادة حمضية.
عندما كانت تجري عمليات الحفر في قرية عراقية تسمى خوجه رابو بالقرب من بغداد، في يونيو عام 1936، عثر عمال مد خطوط السكك الحديدية على قبر مغطى بألواح من الحجر. وخلال الشهرين التاليين، استطاعت هيئة الآثار العراقية أن تستخرج من هذه المقبرة ثروة من الآثار التي يعود تاريخها إلى 248 قبل الميلاد إلى 226 ميلادية، وكان من بينها 613 خرزة ملونة، وأوعية فخارية، وألواح عليها نقوش. وقد وجدوا بين هذه الأشياء بعض الأدوات الغريبة مثل أسطوانات نحاسية، وقضبان حديدية، يعلوها صدأ شديد. وبعد تأمل طويل، استنتج العالم الأثري الألماني ويليم كوينيج، المسؤول عن متحف الآثار العراقي في ذلك الوقت، أن هذه الأشياء مع الأواني الفخارية كانت تصنع بطاريات كهربائية بدائية.
أصبحت هذه القطع ذو أهمية كبرى في عام 1938، عندما انتبه لها مشرف المتحف العراقي العالم الألماني ويليم كوينيج. وبعد سنتين أعلن كوينيج أن البطارية تشبه في عملها خلايا جلفانية، وربما استخدمت في عملية الطلاء الكهربي لتحويل المواد الذهبية إلى فضية. وهذا التعبير مبني على الإمكانية الافتراضية. وإذا كانت النظرية صحيحة، فإنها ستمحي التاريخ المعروف لاكتشاف البطارية الحالي.
يقول العالم الألماني عن ذلك: (وجدنا شيئاً غريباً إلى حد بعيد. وصل إلى يديّ بعد أن تداولته عدة أياد. وعاء فخاري مثل آنية الزهور، لونه أبيض يميل إلى الصفرة، كانت قد انتزعت فوهته. كانت بالوعاء الفخاري اسطوانة نحاسية جرى تثبيتها بشكل محكم بالاعتماد على القار (الزفت). كانت ارتفاع الآنية حوالي 15 سنتيمترا. أما الاسطوانة النحاسية المسدودة من الأسفل فقطرها يبلغ 26 مليمتراً، وارتفاعها 9 سنتمترات. كان بداخل هذه الاسطوانة، ومعزول عنها بطبقة من القار، قضيب حديدي يعلوه الصدأ تماماً، ويبرز طرفه العلوي لمسافة سنتيمتر واحد فوق المادة العازلة. وهذا الطرف تكسوه طبقة لونها رمادي يميل إلى الاصفرار، ويعلوها الصدأ بالكامل، وتبدو وكأنها من الرصاص. والطرف السفلي لقضيب الحديد لا يصل إلى قاع الاسطوانة النحاسية، فقد كان ذلك القاع مغطى بطبقة من القار، ارتفاعها ثلاثة مليمترات).
والسؤال الذي طرح نفسه، حول وظيفة هذا الشيء، ظهرت له أغرب الإجابات. فبعد تفكيك هذا الشيء إلى عناصره، ثم إعادة تركيبه على وضعه الأصلي، كان من الواضح أنه عبارة عن جهاز كيميائي، يكفي أن تضيف إليه محلولاً حمضياً أو قلوياً حتى يشرع في العمل..).
طلاء المعادن بالذهب
هذا الأثر التاريخي، يفيد أن الناس الذين سكنوا تلك المنطقة ما بين 248 قبل الميلاد-226 ميلادية، كانوا يستخدمون الكهرباء.. وأن العالمين الشهرين فولتا وجالفاني اللذين نسب إليهما اختراع البطارية الأولى، اقتصر جهدهما على إعادة تقديم اختراع قديم معروف إلى العالم الغربي.
عند عودة العالم ولهلم وكوينيج إلى ألمانيا، ربط بين ما عثر عليه في بغداد وبين العديد من الآثار العراقية الشبيهة في متحف برلين، قضبان حديدية، وعوازل من القار، واسطوانات نحاسية، كلها يبدو عليها التآكل والصدأ، الذي يرجح أنه من تأثير مادة حامضية. من هذه الأشياء أمكن تركيب عشر بطاريات، وفي رأي كوينيج، كان قديماً يتم توصيل هذه البطاريات أو الأعمدة الكهربائية بعضها بالبعض لمضاعفة قوة التيار الكهربائي الصادر عنها. ويرى أيضاً أن الغرض من هذه البطاريات كان طلاء التماثيل والحلي بالذهب عن طريق الترسيب الكهربائي.
كان من المفروض أن يحظى هذا الاكتشاف باهتمام واسع في الأوساط الأثرية، إلا إن هذا لم يحدث. فما هو تفسير هذه الظاهرة الغريبة؟
العالم الكيميائي والطبيعي، وأمين متحف العلوم البريطاني والتر وينتون، عند زيارته لبغداد عام 1962 لإعادة تنظيم المتحف العراقي في مبناه الجديد، كتب يقول: (قل لأي عالم طبيعي أن التيار الكهربائي كان يستخدم قبل جالفاني بحوالي 15 قرناً، وستسمع كلماته تندفع على الفور: استحالة، فكرة سخيفة، خداع. وللحقيقة كان ذلك رداً فعلياً عندما سمعت بالموضوع لأول مرة. كان الشك يسودني ، وقلت لنفسي، لابد أن الأمر لا يعدو كونه مجرد تفسير خاطئ لأشياء وجدت، أو أن الأمر بأكمله عملية تزوير وخداع. ذلك لأن هذه الواقعة الأثرية إذا ثبتت علمياً، فإن ذلك سيكون أكبر حدث في تاريخ العلم.
على أي حال، ما أن درس وينتون أجزاء الكشف الأثري، حتى أيقن أنه أمام عناصر خلية كهربائية بدائية. وهو اليوم يقول: (لأنني لم أكن عالماً أثرياً، فقد قفزت مباشرة إلى التصور العلمي. وما زلت لا أرى ما يمكن أن يكون لهذا الجهاز من وظيفة غير ما ذكرت. كما أن أحداً لم يتقدم بتفسير بديل منذ ذلك التاريخ. لإثبات ما أقول علمياً، لن نحتاج إلى أكثر من بعض الأدوات البسيطة، مثل الموصلات الكهربائية السلكية. بعد كل هذا يمكننا أن نكرر على أهل ذلك الزمان الاستخدام العملي للكهرباء؟ أنا اليوم على ثقة من أن قدرات البشر القدماء قد نظرنا إليها بكثير من الاستهانة، وعدم المعقولية لا تنسحب على انجاز القدماء، بل تنسحب اساساً على عقول المنكرين، ان الافتخار بانجازاتنا العلمية المعاصرة، يجعلنا غير مستعدين لتقبل فكرة أن التيار الكهربائي كان من الممكن أن يستخدمها سكان ما بين النهرين منذ 2000 سنة..).
لقد ساند كوينيج في اكتشافه عالم الماني آخر، هو الدكتور آرن آيجبريشت، عالم الآثار المصرية في هلديسهايم بالمانيا الغربية. وقد بدأ اتصاله بالموضوع عندما أقيم معرض الجوال للآثار العراقية القديمة في المتحف الذي يعمل به. وكان من أكثر ما لفت نظره، وسط التماثيل المرمرية الدقيقة للملوك القدماء والألواح ذات الكتابة المسمارية، والأواني الفخارية الجميلة، كانت المجموعة المتواضعة للاسطوانات النحاسية، والقضبان الحديدية، وأوانيها الفخارية. وكما قال كوينيج، قال عالم المصريات ايجبريشت: (اذا ما وضعت كل هذه الأشياء معاً، فلا يمكن أن يعني هذا لأي عالم سوى أنه عمود كهربائي أو بطارية..).
ومنذ أن التقى ايجبريشت بهذه العجيبة، بدأ على الفور سلسلة من التجارب لاختبار نظريته، باستخدام قطع مقلدة، نسخة طبق الأصل من قطع وأجزاء بطارية بغداد. أما بالنسبة للمحلول القلوي الذي أشار إليه كوينيج، استخدم ايجبريشت عصيراً طازجاً مستخرجاً من العنب الذي اشتراه من أقرب فاكهي. بمجرد أن سكب السائل في الاسطوانة النحاسية، تحرك مؤشر الفولتيميتر الموصل بالبطارية، مسجلاً سريان تيار كهربائي مقداره نصف فولت.
والعالم ايجبريشت ليس من هواة الجري وراء كل غريب، إنه يؤمن بأن وجود مثل هذه البطارية في ذلك الوقت، يمكن أن يساعد على كشف ألغاز فشل علماء الآثار في كشفها وتفسير أسرارها.
متاحف العالم زاخرة بالآثار المذهبة (المكسوة بالذهب)، وغالباً ما آثارت حيرة العلماء، الطريقة التي استخدمها القدماء في التذهيب. عمد القدماء في بعض الأحيان إلى دق وضغط رقائق الذهب حول الجسم المراد تذهيبه، أو لصق الرقائق على الجسم. إلا أن هذا لم يكن يستخدم في جميع الأحوال. على سبيل المثال، كان لدى ايجبريشت تمثال صغير لأحد الأصنام المصرية القديمة (أوزيريس)، يرجع تاريخه إلى عام 400 قبل الميلاد، والتمثال مصنوع من الفضة المصمتة ومغطى بطبقة من الذهب، على درجة عالية من الدقة والنعومة، بحيث يصعب تصديق أنها تمت باستخدام أساليب الطرق أو اللصق الخشنة. وهو يتساءل: ألا يجوز أن مثل بطارية بغداد، قد استخدم قديماً في طلاء المعادن بالترسيب الكهربائي؟. وكان من السهل الحصول على الإجابة عن هذا السؤال، وبين يديه النسخة التي صنعها من عمود بغداد الكهربائي.
قام ايجبريشت بتعليق تمثال فضي صغير بحيث يغمره محلول سيانيد الذهب. واستخدم نسخة البطارية في بث تيار كهربائي خلال التمثال، فحصل بذلك على تمثال مطلي بالذهب بعد أكثر من ساعتين. وقام بتكرار التجربة أكثر من مرة، فخطرت له فكرة مقلقة: ماذا لو أن العديد من الكنوز الأثرية القديمة التي تعرضها متاحف الآثار في أنحاء العالم باعتبارها مصنوعة من الذهب، ماذا لو أنها كانت من الفضة تكسوها قشرة رقيقة من الذهب؟..
كهرباء داخل الهرم
كذلك جرت تجربتان منفصلتان في الولايات المتحدة الأمريكية على نماذج مقلدة لبطارية بغداد. وقد استطاع العلماء أن يحصلوا من هذا العمود الكهربائي على تيار قوته نصف فولت على مدى 18 يوماً. وفي هذه التجارب استخدم أكثر من محلول داخل الاسطوانة النحاسية، خل تركيزه 5 في المائة، ونبيذ وكبريتات نحاس، وحامض كبريتيك، وحامض ستريك، وكلها معروفة لدى أهل ذلك العصر. وقد أكد العلماء الذين أجروا تلك التجارب على أن ما وجد بالقرب من بغداد، لا يمكن أن يكون قد صنع لغير ذلك الغرض.
نتيجة تؤدي إلى تساؤلات عدة!
إذا قبلنا بهذه الحقيقة، حقيقة استخدام الكهرباء في ذلك العصر، فأن افقاً واسعاً من الاحتمالات ينفتح أمامنا. وهو يطرح سؤالا هاماً: أليس من المحتمل أن يكون استخدام الكهرباء هو أهم عناصر علم الخيمياء القديم، الذي كان يسعى إلى تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة؟
ثم إذا انتقلنا من بغداد إلى اهرامات الجيزة، ألا يدفعنا هذا إلى اعادة النظر في الفكرة التي كانت بادية الحمق والتي نادى بها بعض العلماء، وتقول: أن بناة الاهرامات استخدموا في بعض مراحل البناء الضوء الكهربائي..
فالعلماء الذين درسوا الاهرامات، كانت تقف أمامهم مشكلة لا يجدون لها حلاً. في القرن التاسع عشر، أثار سير نورمان لوكيار هذا اللغز. في عمق الاهرامات، وسط الظلمة المطبقة، توجد رسوم رقيقة متقنة محفورة على الحجر. ومن الواضح أن الفنان المصري القديم كان يحتاج إلى ضوء من نوع ما ليمارس ذلك العمل الدقيق، ومع ذلك فلا توجد أي آثار للكربون المحروق على الجدران، الذي لابد أن تظهر علاماته على حائط الحجرة، حتى لو استخدمت في ذلك أفضل أنواع المشاعل والمصابيح الزيتية، من الأنواع التي كانت شائعة في ذلك الحين.
أمن الممكن أن يكونوا قد حصلوا على ضوء بإستخدام نوع من البطاريات؟.. على حوائط معبد دندرة توجد رسوم محفورة، تشبه بشكل ملفت التركيبات الكهربائية والإضاءة الكهربائية.. وبالرغم من عدم العثور على بقايا مادية لهذه الأشياء الموجودة في الرسوم حتى الآن، فقد يحدث هذا يوماً ما، بالضبط كما حدث في بطارية بغداد، عندما تقع هذه البقايا الأثرية بين يدي عالم أثري نادر الموهبة، يستطيع أن يتعرف عليها.
No comments:
Post a Comment