Monday, October 1, 2018

اسطورة اكل الخطايا

آكل الخطايا Sin-Eater هو إعتقاد ساد في الماضي لدى عدد من الثقافات واندثر فقط منذ زمن قريب، و آكل الخطايا هو شخص يقوم بدور المعالج الروحاني التقليدي حيث يمارس طقوساً تهدف إلى تطهير الذين شارفهم الموت من خطاياهم. وبحسب هذا الإعتقاد يمتص آكل الخطايا ذنوب الناس الذين يقدم لهم تلك الخدمة مقابل أجر يتفق عليه وتستهلك تلك الخطايا عادة من خلال الطعام والشراب وأيضاً يأخذ آكل الخطايا نصيبه من الوجبة خلال تلك العملية.

عادة ما يكون آكلوا الخطايا من المنبوذين حيث يعتبر عملهم هذا منحطاً ويعتقد أنه يجرهم إلى الجحيم بعد الموت نظراً إلى حملهم آثام الآخرين التي لا تغتفر. كانت كنيسة الروم الكاثوليك تقوم بنبذ آكلي الخطايا على نحو منظم خصوصاً حينما كان إنتشارهم واسعاً ليس بسبب الخطايا الإضافية التي يحملونها فقط بل أيضاً بسبب إنتهاكهم لدور الكهنة الذين من المفترض أن يكونوا المشرفين على إتمام آخر الطقوس على المحتضرين بحسب على العقيدة الكنسية ، وبحسب الإعتقاد المزعوم فإن آكل الخطايا لا ينقذ الشخص الذي على وشك الموت من عذاب الجحيم فقط بل أيضاً يمنعه من أن يهيم في الأرض بشكل شبح بعد الموت، ولهذا يقدم آكل الخطايا تلك الخدمة للأحياء أو للمحتضرين فقط بحسب بعض التقاليد بينما تمارس تلك الطقوس خلال الجنازة.

كجزء من الطقوس الممارسة على الشخص المحتضر يقوم آكل الخطايا عادة باستهلاك قطع من الخبز كما يقد يتناول أيضاً الملح أو يشرب الماء أو المزر (نوع من شراب الجعة وهو شائع في الريف الإنجليزي)، وفي بعض الأحيان يحضر خبز خاص لتلك الغاية على شكل صورة الشخص المتوفي أو ترسم عليه الأحرف الأولى وتمرر الوجبة في بعض الأحيان أمام جسد المتوفي أو المحتضر أو توضع على صدره لترمز إلى عملية إمتصاص خطايا الشخص وخلالها قد يقوم آكل الخطايا بقراءة صلاة خاصة.

لهذا الإعتقاد صلة بالجزر البريطانية لكن هناك تقاليد مشابهة في ثقافات أخرى أيضاً ربما تكون قد تطورت من أشكال أكثر تقليدية من الطقوس ، فبدلاً من تعيين منبوذ ليقوم بدور آكل خطايا في البلدة يقوم أقرب المقربين للشخص المتوفي أو المحتضر بذلك الدور على نمط ما شاع مرة في بافاريا وشبه جزيرة البلقان. أما في هولندا وبعض أجزاء إنجلترا توزع المخبوزات على الذين يحضرون الجنازة وأيضاً على حاملي النعش. عاش التقليد الأخير لبعض الوقت في نيويورك، أما اليوم فقد مات تقليد آكل الخطايا وأصبح على الأغلب جزءاً من الثقافة الشعبية.

ليست فكره ان يحمل احد ذنوب الاخر فكره مسيحيه الاصل علي الاطلاق… فاصل منطق حمل السيد المسيح لخطايا الاخرين … منزرعه في العقائد السلتيه..والتي اقتبستها من الفينيقيه وصولا الي الاصل الفرعوني

منذ عقد من الزمان انتجت هولوود فيلما قويا جدا اسمه (اكل الخطايا )بطوله هيث ليدجر… .وهو المعروف بانتحاره بعد تمثيل دور الجوكر في باتمان… الا ان هذا ليس موضوعنا اليوم…

ان الفيلم يحكي عن اسلوب مميز يقوم به حامل خطايا محترف هذه هي وظيفته لمباركه وحمل خطايا الاشخاص المطرودين من رحمه الله لسبب او لاخر.

والواقع ان الاصول التراثيه لهذا الامر موجوده وثابته فعلا من القرن الرابع قبل الميلاد… في اوربا… الا ان الطقوس الوارده في الفيلم كانت بالطبع مغلزطه… ومشوهه… الا ان الاساس واحد… قطعه خبز علي صدر المحتصر الايسر… وقطعه ملح علي صدره الايسر… .ثم تتلي الطقوس اللاتينيه… ..مع وضع خشبه الميزان عند راس المحتضر… … وثقاله سندان عند قدميه… .ثم يتناول اكل الخطايا الخبز والملح وياكلهما… فتتنتقل الذنوب الي كاهله… في مقابل مبلغ مادي… … .

وليس في هذا غرابه… فالاسطوره نفسها ليست في حاجه الي ايه توابل… رجل ينذر نفسه .بعيدا عن الايمان الابراهيمي .لان يحمل ذنوب الناس في مقابل مادي… ويكسب مع الصفقه حياه ابديه يختار هو متي تنتهي… بعد ان تثقل كاهله الذنوب… فلا يعود يطيق الحياه… ..فيفقدها بنفسه… في مقابل ان ياخذها اخر يقوم بقتله… ..بخنجر معين اسمه فولفتيفا… … والمفروض ان يحمل عنه كل خطاياه والخطايا التي حملها ايضا… ..

وعلي هذا في النهايه فالمفروض ان يتبقي ثلاثه اكلو خطايا عند نهايه العالم رجلين وامراءه… يقتل احدهما الاخر ويتزوج المراءه… لينجب منها طفلا سيكون خادم المسيح… .او المسيح الدجال… ..

او المنتظر… .فلا يجب ان ننسي ان المسيح ينتظره العالم في كل العقائد منذ القرن السادس قبل الميلاد

والغريب ان الاصول تمتد الي طقوس فرعونيه ماتزال تستخدم حتي يومنا هذا دون ان نعرف سببها… .ان كحك التفدمه (قرص الترب ..او المدافن )والتي تصر النساء الكبار علي وضع الملح في عجينتها بانفسهن… ..والمفروض ان توزع علي الفقراء في الترب وبالذات الاطفال… الغرض منها … ليس بركه ونور كما يقال… .وانما نقل خطايا الميت الي الاخرين… ولو كانو اطفالا… فان الذنب يسقط عنهم… وهكذا يتخلصوا من الذنب تماما… اما الفقراء الكبار فنلاحظ ان النساء فالتعود يمتنعون عن اعطائهم (القرص) لان في ذلك حرمانيه بيع الذنب للمكلف في مقابل (قرص)… ويستبدلونها باي قدر من المال… وهم يقومون بذلك دون معرفه او درايه بالاصول التراثيه التي تعود للعصر الفرعوني … .والتي امتدت الينا رغم الحروب الابراهيميه… .

فبالرغم من تقارب الفكره مع فداء المسيح الا ان المسيحيه تحارب الفكر بقوه منذ البدايه لانه لا مجال لوجود اي غفران سوي من الايمان بالمسيح… ولا مجال لغفران لشخص رفضت الكنيسه منحه الغفران لسبب او لاخر..فالكنيسه هي يد الرب الموجهه لارادته في الارض… .اما في الاسلام فان مجرد التوبه النصوح حتي لو في اخر رمق تجب كل الذنوب

اما اليهوديه … فلا مجال للامر قطعيا لان التوبه تستلزم الاعلان والتكفير والا لن تغفر مطلقا… ومع ذلك فقد استمرت… .الطقوس بل والفكره ذاتها حتي عام 2000 بعد ميلاد المسيح… .

الاغرب ان هناك تراثيات مؤكده عن وجود (اسطوره اكل الخطايا والامراض )في الشرق في الصين واليابان اما الهند … فلم اتمكن من الوصول الي ما يمكن اعتباره اساسا تراثيا..لكن ربما يعود هذا لعمق الحضاره وعدم قدرتي علي الوصول لاغوارها.


No comments:

Post a Comment