ذكرالله سبحانه في كتابه الكريم قصة يأجوج ومأجوج وأنهم خلق كثير لايعلم
عددهم إلا الله سبحانه ومع ذلك لم يستطع عالم اليوم بما لديه من تقنيات وأجهزة
وأقمار صناعية وأقمار تجسس ومراقبة من تحديد موقعهم وقد وجد في الخرائط الجغرافية
الأسلامية القديمة تحديدا لهم في شمال الكرة الأرضية وبالقرب من القطب الشمالي ومن
هذه الخرائط الخريطة الشهيرة التي عملها الأدريسي رحمه الله على شكل كرة فهل يمكن
القول أنهم في تجويف داخل الأرض بأحد القطبين (اقرأ عن نظرية الأرض المجوفة) أو
بغيرهما فهذه ملاحظة جديرة بالأهتمام ونقف عاجزين عن تحديد موقع هؤلاء القوم
بعددهم الغفير ولايسعنا إلا أن نقول سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا انك انت علام
الغيوب (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ
فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ سَدّاً) (الكهف:94) (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ
وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (الانبياء:96)
وكذلك ملاحظة أن الله سبحانه خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن وهنا يرد
التسأول هل هذه الأرضين الست الباقية _غير ألأرض التي نعيش عليها_ في الفضاء أم
تحت الأرض المعروفة لدينا أم أين توجد ؟ في إذا كانت في الفضاء لابد أن نتعرف
عليها وعلى موقع وهل توجد عليها حياة ونحو ذلك وإذا كانت الست الباقية تحت أرضنا
فهذا يؤيد النظرية القائلة بوجود عالم آخر تحت الأرض ولكن العلم عند الله في
الأمور كلها ولانقول إلا يامعلم آدم علمنا ويامفهم سليمان فهمّّّّنا ولعلى الله
سبحانه أن يهيء من علماء المسلمين من يستطيع أن يثبت الحقيقة ويجلي عنا الجهل إنه
القادر على ذلك وهو على كل شيء قدير
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ
يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق:12)
ورد ذكر يأجوج ومأجوج في الإسلام والمسيحية واليهودية، وتروي القصص
الشعبية بعض الأحداث الخيالية لا علاقة لها بما جاء في الكتب الدينية، خاصة ما جاء
ذكره في القرآن الكريم والسنة النبوية ورغم الظن بأن يأجوج ومأجوج ليسوا من البشر
إلا أن بعض الروايات الإسلامية تؤكد بصراحة على أن يأجوج ومأجوج من ذرية آدم، فهما
قبيلتان من ولد يافث أبي الترك، ويافث هذا هو ابن النبي نوح ولكن يبدو أنه كانت
لهما سطوة وجبروت.
هنا لسنا بصدد الخوض في الروايات الدينية ومدلولاتها، فنترك هذا الأمر
لأصحاب التخصص في هذا المجال، ونحاول إلقاء نظرة على دراسة يؤكد كاتبها أنه كشف
أرض يأجوج ومأجوج، وبهذا قد ينفي دراسات نسبت يأجوج ومأجوج إلى بلدان أخرى خارج
آسيا الوسطى.
قبل الانتقال إلى دراسة قام بها الباحث الأردني عبد الله شربجي في كتابه
"رحلة ذو القرنين إلى المشرق"، نستكشف أسباب
تسمية يأجوج ومأجوج، حيث يقول محمد بن
صالح العثيمين في شرح العقيدة السفارينية إن هذه التسمية تأتي من
"الأجيج، أي أجيج النّار، والنّار إذا اضطرمت
اضطربت وصار لهَبُها يتداخل بعضه في
بعض"، أما عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي، حاشية الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، صفحة 81، يقول "لكثرتهم
وشدَّتهم، وقيل: من الأُجاج وهو الماء شديد المُلوحة. وقيل أيضا:
اسمان أعْجَميّان، وقيل: "وهم لكثرتهم
هكذا، وهم من ولد يافِث بن نوح باتّفاق النَسّابين".
ولكن هذا ليس نهاية المطاف في أسباب تسمية يأجوج ومأجوج، لأن الاسم نفسه
موجود في اللغة العبرية، وهذا يرفد القول بأنهما اسمان أعجميان لا يصرفان، فليس
لهما اشتقاق، حيث الأعجمية لا تشتق في اللغة العربية، ففي اللغة العبرية، وهي
شقيقة العربية كلغة سامية "ما" في "ماجوج" تعني
"في" أو "من بلاد"، وبهذا تصبح العبارة "جوج من بلاد
جوج"، والنظرية الأخرى تقول إن اسم مأجوج بعد حذف الواو في العبرية كان يطلق
على "بابل"، أما نظرية أخرى تقول إن التسمية هي مشتقة من عبارة صينية
تعني "قارة شعب الخيل"، وهم من شعوب مجاورة للصين شمالا وغربا، وهذه
النظرية تقربنا إلى دراسة الباحث الأردني عبد الله شربجي الذي يعتقد أن جمهورية
قيرغيزستان التي تجاور الصين من الغرب وتكثر فيها الخيول هي أرض يأجوج ومأجوج.
"عراض الوجوه" و"صغار العيون"
والعلائم للتركيبة الظاهرية ليأجوج ومأجوج في الروايات الإسلامية تقربنا
أيضا من نظرية الباحث عبد الله شربجي، حيث قال أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر
بن سليمان الهيثمي (735 هـ - 1335 / 807 هـ - 1405) وهو من علماء الحديث النبوي،
ومؤلف كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ينقل ما رواه أحمد والطبراني ورجالهما
رجال الصحيح، وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة في المسانيد العشرة رجاله
ثقات، عن خالد بن عبد الله بن حرملة عن خالته قالت: خطب رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو عاصب رأسه من لدغة عقرب فقال: "إنكم تقولون لا عدو! وإنكم لن تزالوا
تقاتلون حتى يأتي يأجوج ومأجوج: عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشغاف (شعر أسود
فيه حمرة) ومن كل حدب ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة" (المجن هو الترس،
وتشبيه وجوههم بالترس بسبب بسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها).
لو ركزنا على عبارات "عراض الوجوه" و"صغار العيون"
وتشبيه وجوههم بـ"المجان المطرقة" وقارنا كل ذلك بالتسمية الصينية
"قارة شعب الخيل" (توجد الخيل بكثرة في آسيا الوسطى وخاصة في
قيرغيزستان) فإن الأمر يسهل علينا تأييد نظرية "عبد الله شربجي" إلى حد
ما، حيث هذه الصفات يمكن إيجادها في شعوب آسيا الوسطى.
سد أو ردم ذي القرنين بين قيرغيزستان وأوزبكستان
وفي متابعة رحلة إسكندر ذي القرنين لبناء سد أو ردم ليحول "دون
تســــرب يأجـــوج ومأجوج" يشير عبد الله شربجي في كتابه "رحلة ذو
القرنين إلى المشرق"، إلى منطقة تقع غربي قيرغيزستان وشرقي أوزبكستان في
منطقة جبلية على الحدود الفاصلة بين البلدين في آسيا الوسطى، حيث تقطن الشعوب
التركية من الأوزبك والكازاخ (القزاق) والقيرغيز والتركمان والأيغور (غرب الصين)
ويمتد تواجدهم إلى آذربيجان وشمال غرب إيران (المقاطعات التركية الآذرية) وتركيا.
أما "ردم" أو "سد" ذي القرنين يقع حسب نظرية عبدالله
شربجي الموثقة بصور وخرائط، في منطقة تفصل الشعبين الشقيقين القيرغيزي والأوزبكي
في منطقة هي أقرب من شمال غرب الصين، حيث يعتقد وجود الردم هناك حسب إحدى النظريات.
الخليفة العباسي الواثق بالله والبحث عن يأجوج ومأجوج
وهناك قصة لرحلة بهدف كشف أرض يأجوج ومأجوج قام بها "سلام
الترجمان" بأمر من الخليفة العباسي الواثق بالله (232- 722م) بعد أن رأى في
المنام حلماً تراءى له فيه أن السد الذي بناه ذو القــرنين للحؤول دون تسرب يأجوج ومأجوج،
قد انفتح، فأفزعه ذلك، وبدأ سلام الترجمان رحلته نحو شمال آسيا بحثاً عن مكان سد
ذي القرنين. ويروي الإدريسي في كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"،
وابن خرداذبه في كتابه "المسالك والممالك" تلك القصة التي اعتبرها
المستشرق "دي خويه" واقعة تاريخية لاشك فيها وجديرة بالاهتمام، وأيده في
هذا الرأي خبير ثقة في الجغرافيا التاريخية هو "توماشك"، وفي الآونة
الأخيرة يرى عالم البيزنطيات "فاسيلييف" أن سلاماً نقل ما شاهده في
رحلته للخليفة العباسي بشأن السد وطمأنه بخصوص عدم تسرب "يأجوج ومأجوج"،
ولتفاصيل تلك الرحلة هناك مصادر عدة يمكن لمن يرغب معرفة تفاصيلها مراجعة تلك
المصادر.
ويرى عبدالله شربجي أن بحيرة "إيسيك كول" في
"قيرغيزستان" هي "العين الحمئة" المذكورة في قصة ذي القرنين،
حيث تشبه البحيرة القيرغيزية حقا شكل "العين"، حسب صور الأقمار
الصناعية، وتصب بها الأنهار وتتغذى على ينابيع ساخنة وبها طين، واسمها باللغة
القيرغيزية يعني "البحيرة الساخنة أو الدافئة" وهذه البحيرة لا تتجمد
على مدى السنة رغم هبوط درجات الحرارة في قيرغيزستان إلى 25 درجة مئوية دون الصفر
بعض الأحيان.
يصب في هذه البحيرة بحسب ما ذكره الباحث حوالي 118 نهراً وجدولاً أكبرها
"Djyrgalan" و"Tyup" بالإضافة إلى الينابيع الساخنة التي ترفد هي الأخرى البحيرة
بمياهها.
ولمعرفة هذا التشابه بين "العين الحمئة" و"ايسيك كول"
التي هي على شاكلة العين نلقي نظرة على صورة الأقمار الصناعية لـ"ناسا"
نقلا عن كتاب "رحلة ذو القرنين إلى المشرق"، حيث يمكن رؤية البحيرة كعين
عملاقة من الفضاء الخارجي تقع بين سلسلة جبال شاهقة من كافة الأطراف، تحدها من
الشمال جبال تدعى "ترسكي آلاتاتو" وتعني المبتعدة عن الشمس، ومن الشمال
جبال تدعى "كونجي آلاتاتو" وتعني الواجهة الشمسية.
وحسب قصة "يأجوج ومأجوج" لا يعني أن شعوب آسيا الوسطى هم من
نسلهم بل جاء في تفاصيلها أن ذا القرنين استطاع أن يبني ردما أي سداً من حديد
ونحاس فأغلق "مكان خروج يأجوج ومأجوج" و"حجزهم وراءه" حتى لا
يخرج منه "يأجوج ومأجوج" على بلاد الترك فيعيثون فيها فساداً ويهلكون
الحرث والنسل.
إلى هنا نقلنا موجزا مختزلا حول "يأجوج ومأجوج" والأرض التي
ظهروا فيها، وهذه المادة لا تتبنى أيا من القصص المتضاربة بهذا الخصوص، أما فيما
يخص الروايات الدينية لا نجتهد فيها ونتركها لأصحاب الشأن، وهنا حاولنا البحث عن
الأرض أو البلد المحتمل الذي تقول القصص والروايات إنه ضم "يأجوج
ومأجوج" وأنشأ فيه ذو القرنين حفاظا على أهل تلك الأرض أي الشعب القيرغيزي
وهو من الشعوب المسلمة في آسيا الوسطى يعيش في بلاد تحيطها الجبال الشاهقة المكسوة
بالغابات وتتوسطها بحيرة "ايسيك كول" أو "العين الحمئة" فهذا
التناغم الطبيعي يمنح البلاد جمالا مميزا يجعلها وجهة سياحية تكاد أن تكون الأرخص
بين الوجهات السياحية في العالم.
No comments:
Post a Comment