Tuesday, October 2, 2018

اسطورة الطفل الشيطان


ترجع فكرة بعض الكائنات الأسطورية إلى التقاليد والحكايات الشعبية التي تتاقلتها لأجيال منذ الماضي البعيد ، فكل ثقافة مرتبطة بعدد وافر من المخلوقات المثيرة والغريبة ويكون للعديد منها أصول بشرية ومنها التياناك Tianak أو الطفل الشيطان.

تعتبر التياناك أو إيمباكتو Impakto مخلوقات منتشرة في الأساطير الفلبينية تتخذ نموذج الطفل. وعادة ما تأخذ شكل طفل حديث الولادة وتصرخ كطفل في الغابة لجذب المسافرين الغافلين . وبمجرد الإلتقاء به من قبل الضحية يعود التياناك إلى شكله الحقيقي ويهاجم الضحية. وبصرف النظر عن تعذيب الضحايا ، فإن التياناك يبتهج أيضاً في قيادة المسافرين الضالين أو خطف الأطفال.

وفقاً للأسطورة يقول البعض أن التياناك هم أطفال لقوا حتفهم قبل أن يحصلوا على طقوس التعميد وبعد الموت يذهبون إلى مكان يعرف باسم الليمبو Limbo (عالم النسيان) وهو عبارة عن غرفة في الجحيم يسقط فيها الأشخاص الذين لم يحصلوا على طقوس التعميد فيتحولون إلى أرواح شريرة. وتعود هذه الأشباح إلى مملكة الموتى في هيئة عفاريت ليأكلوا الضحايا الذين مازالوا على قيد الحياة. ويمكن أن يكون التياناك أيضاً هجين ناتج عن تزواج شيطان مع إنسان أو جنين مُجهض يعود للحياة للإنتقام من أمه

وهناك عدة أشكال من مواصفات وأنشطة التياناك البدنية. وقد يرتبط هذا المخلوق الأسطوري في بعض الأحيان بمخلوق في التراث الشعبي الماليزي يسمى (بونتياناك) والذي يكون وفقاً لفولكلور الملاوي عبارة عن امرأة توفيت أثناء الولادة وعادة ما يعلن البونتياناك عن وجوده من خلال طفل يبكي أو يتشكل على هيئة سيدة جميلة ويخيف أو يقتل هؤلاء الذين تسبب سوء حظهم في الاقتراب منه. وهو يتخفى أساساً في هيئة امراة شابة جميلة ليجذب ضحاياه (عادة من الرجال). ويمكن أحياناً الكشف عن وجوده من خلال رائحة عطرة يعقبها بعد ذلك رائحة كريهة.

ووفقاً للتراث الشعبي ، يمكن للمرء أن يربك ذلك المخلوق ويقضي على سحر صرخاته من خلال تحويل ملابسه (قلب ملابسه من الداخل إلى الخارج وارتدائها بالمقلوب) وتقول الأسطورة أن مخلوقات التياناك هذه تجد ذلك أمراً مضحكاً فتترك الضحية لحال سبيلها. ويقول البعض أن الطاردات مثل الثوم والمسبحة يمكن أن تبعد التياناك.

هناك شريط فيديو في حوزة الشرطة الفلبينية يظهر فيه فتاة شابة كانت قد ذُبحت على أيدي أفراد عائلتها الذين اشتبهوا في أنها من مخلوقات التياناك ، حيث زعم أن الفتاة كانت تجتذب صبياً أكبر منها سناً وتأخذه إلى الغابة وتقتله. والصورة هنا تظهر جسدها المذبوح من إحدى لقطات الشريط.

تخدم بعض الأساطير أهدافاً دعوية أو دينية أو أخلاقية على غرار أسطورة رأس إبليس أو أم الدويس وغيرها من الأساطير التي تناولها موقع ما وراء الطبيعة ، وبالنسبة لهذه الأسطورة فإن عملية الإجهاض المحرمة دينياً والتي تتمثل بازهاق حياة الجنين ستعود بالعواقب الوخيمة على الأم لأن جنينها سينتقم منها بحسب الأسطورة، كما أن أغلبية شعب الفيليبين يعتنق المذهب المعمداني Baptist من الكنيسة الكاثوليكية وتشكل عملية التعميد (طقوس دينية تقوم على تغطيس الجسم بالماء ، تطبق على المواليد الجدد أو الداخلين الجد في الدين المسيحي) أمراً أساسياً في الدين وعد الإلتزام بها يقود إلى الجحيم وبناء على ذلك فإن عدم التعميد سيقود كذلك إلى نتائج وخيمة وتحول شيطاني أي ترهيب من لا يقوم بطقوس التعميد وهذا يضع مسؤولية دينية أمام المجتمع وهذه هي الغاية من أسطورة البعبع (التياناك).

شيطان جيرسي هو مخلوق أسطوري يقال أنه يعيش في منطقة باين بارينز في جنوب نيو جيرسي في الولايات المتحدة. غالبا ما يوصف المخلوق بأنه طائر ذو قدمين وله حوافر، ولكن هناك العديد من الاختلافات بين الروايات. الوصف الشائع للمخلوق هو أنه مخلوق يشبه الكنغر وله رأس ماعز، وله أجنحة جلدية كالخفافيش وقرون وأذرع صغيرة وله مخالب على يديه وظلف مشقوق وذيل متشعب. وقال الشهود أنه يتحرك بسرعة، وغالبا ما يوصف بأنه يطلق "صرخة تجمد الدم في العروق".

تقول القصة الشعبية الأصلية أن امرأة تدعى الأم ليدز أنجبت 12 طفلا، وبعد أن حملت بالطفل الثالث عشر، قيل أن هذا الطفل هو الشيطان. في عام 1735، أتاها المخاض في ليلة عاصفة وتجمع الأصدقاء حولها. قيل أن الأم ليدز كانت ساحرة وأن والد الطفل هو الشيطان نفسه. ولد الطفل بشكل طبيعي، لكنه شكله تغير إلى مخلوق بحوافر ورأس ماعز وأجنحة خفافيش وذيل متشعب. بدأ المخلوق بالهدير والصراخ، وقتل القابلة قبل أن يطير عبر المدخنة، وخرج من القرية واتجه نحو أشجار الصنوبر. في عام 1740 قام رجل دين بطرد الشيطان لمدة مائة سنة، ولم يشاهد مرة أخرى حتى عام 1890.

حدد بعض الباحثين "الأم ليدز" باسم ديبورا ليدز،  على أساس أن زوج ديبورا ليدز، ويدعى جافيت ليدز، وضع اثني عشر طفلا في وصيته التي كتبها في عام 1736،  وهو ما يتوافق مع الأسطورة. كما عاش جافيت وديبورا ليدز في منطقة ليدز بوينت وهي الآن في مقاطعة أتلانتيك، نيو جيرسي،  وهي تعتبر موقع قصة شيطان جيرسي.

وكتب برايان ريغال، مؤرخ العلوم في جامعة كين، أن الأم ليدز كانت مجرد جزء من أسطورة شعبية حول الشيطان نشأت في القرن العشرين. يؤكد ريغال ان "مكائد سياسية قديمة ومنسية من الحقبة الاستعمارية" حول سياسي من نيو جيرسي يدعى دانيال ليدز (1651-1720) أدت إلى تصوير أسرة ليدز بأنهم "وحوش سياسية ودينية"، وكانت صورته السلبية باسم "الشيطان ليدز" هي التي ولدت أسطورة شيطان جيرسي. وكما يقول ريغال
:
«لا تظهر إشارات شيطان جيرسي في الصحف أو غيرها من المواد المطبوعة حتى القرن العشرين. وجاء أول ذكر مهم له في عام 1909. ومن هذه المشاهدات أتت صورته الشعبية بأنه مخلوق له أجنحة وطواط ورأس حصان ومخالب.[

هناك مزاعم كثيرة عن مشاهدات وحوادث حول شيطان جيرسي.

ذكر أن العميد ستيفن ديكاتور كان يزور مصنع هانوفر لتفقد عملية صنع كرات المدافع، وشاهد مخلوقا طائرا يرفرف بأجنحته وأطلق قذيفة مباشرة عليه دون جدوى.

زعم جوزيف بونابرت، الشقيق الأكبر لنابليون، أنه شاهد شيطان جيرسي أيضا وهو يصيد على أرضه في بوردنتاون حوالي العام 1820. وفي عام 1840، وجهت للشيطان تهمة قتل عدد من الماشية. وردت أنباء عن اعتداءات مماثلة في 1841، رافقت المشاهدات آثار أقدام وأصوات صراخ. ولكن يعيب الأمر نقص السجلات المعاصرة للأحداث المفترضة.

ظهرت صور لجثة تطابق وصف شيطان ليدز في غرينتش في ديسمبر 1925. وأطلق أحد المزارعين المحليين النار على حيوان مجهول حاول سرقة دجاجاته. زعم بعد ذلك أنه عرض المخلوق على مائة شخص ولم يتعرف أحد منهم عليه. وفي 27 يوليو 1937، تمت مشاهدة حيوان غير معروف "له عيون حمراء" من قبل سكان داوننغتاون، بنسلفانيا وتمت مقارنته بشيطان جيرسي من قبل مراسل في جريدة بنسلفانيا بوليتين بتاريخ 28 يوليو 1937. وفي عام 1951، زعم فتيان من غيبزتاون، نيو جيرسي أنهم شاهدوا وحشا يطابق وصف الشيطان  وقيل أن جثة عثر عليها في عام 1957 تطابق وصف شيطان جيرسي. وفي عام 1960، تم التبليغ عن آثار أقدام وأصوات ضوضاء قرب ميز لاندينغ وأنها تخص شيطان جيرسي. وخلال العام نفسه عرض التجار في منطقة كامدن مكافأة 10,000 دولار لمن يأسر شيطان جيرسي، حتى أنهم عرضوا بناء حديقة حيوان خاصة لإيواء المخلوق إذا تم القبض عليه.

مشاهدات العام 1909

خلال الأسبوع الممتد من 16 حتى 23 يناير 1909، نشرت الصحف في ذلك الوقت مئات المواجهات المزعومة مع شيطان جيرسي في جميع أنحاء الولاية. ومن بين هذه المواجهات التي نشرت في هذا الأسبوع أن المخلوق هاجم عربة ترام في هادون هايتس ونادي اجتماعي في كامدن. قيل أن الشرطة في كامدن وبريستول، بنسلفانيا أطلقت النار على المخلوق دون جدوى. تكلمت تقارير في البداية عن آثار مجهولة الهوية في الثلج، ولكن ذكرت مشاهدات عن مخلوقات تشبه شيطان جيرسي جميع أنحاء جنوب جيرسي وأماكن بعيدة مثل ولاية ديلاوير  وغرب ميريلاند. أدت التغطية الصحيفة الواسعة إلى حالة من الذعر في مناطق وادي ديلاوير ما دفع عددا من المدارس لإغلاق أبوابها والعمال على البقاء في المنزل. وأشيع خلال هذه الفترة أن حديقة حيوان فيلادلفيا عرضت مكافأة 10,000 دولار مقابل روث المخلوق. أدى هذا العرض لتقديم مجموعة متنوعة من الخدع، بما في ذلك كنغر بأجنحة اصطناعية
]
التفسيرات

يعتقد المشككون أن شيطان جيرسي ليس إلا مجرد قصة ابتدعها المستوطنون الانجليز، أو قصص البعبع التي رواها سكان باين بارينز للترفيه عن الأطفال، والشائعات التي نشأت من الصورة السلبية للسكان المحليين. كتب عالم الفولكلور يان هارولد برونفاند أن انتشار الثقافة الشعبية المعاصرة قد حل محل أساطير شيطان جيرسي التقليدية. يعتقد الباجث جيف برونر من جمعية الرفق بالحيوان في ولاية نيو جيرسي أن الكركي الكندي هو أساس قصص شيطان جيرسي، مضيفا أنه "لا توجد صور أو عظام أو أدلة دامغة على الإطلاق، والأسوأ من ذلك كله، لا يوجد أي تفسير لأصل الحكاية لا يتطلب الاعتقاد بالخوارق". قضى المؤلف توم براون الابن عدة أشهر وهو يعيش في براري باين بارينز. وتحدث عن عدة مناسبات عندما ظنه الرحالة الخائفون شيطان جيرسي، بعد أن غطى جسده كله بالطين لإبعاد البعوض.

هناك مجموعة في نيو جيرسي تسمى "صائدو الشيطان" ويشيرون إلى أنفسهم على أنهم "الباحثون الرسميون عن شيطان جيرسي"، وتكرس وقتها لجمع التقارير، وزيارة المواقع التاريخية، وعمليات الصيد الليلية في المنطقة "لإيجاد دليل على أن شيطان جيرسي موجود في الواقع".
]
الخدع

أشار جوردون شتاين في موسوعة الخدع (1993) أن آثار الأقدام المزعومة للشيطان التي عثر عليها في عام 1909 تشبه حافر الحصان. وقال شتاين أن رجلا اعترف في وقت لاحق انه زوّر بعض هذه الآثار.

وقد زعم جيف تيبالز في كتابه "أكبر الخدع في العالم" (2006) أن نورمان جيفريز كان متورطا في خدع شيطان جيرسي
:
«كان نورمان جيفريز، موظف الدعاية في متحف شارع أرش في فيلادلفيا والمخادع الشهير، مدركا جيدا لقصص شيطان جيرسي. لذلك عندما قال له مالك المتحف، ت. ف. هوبكنز، أنهم يواجهون خطر الإغلاق إلا إذا أتى جيفريز بشيء لتعزيز الحضور الجماهيري، فقرر الأخير أن أسر شيطان جيرسي سيكون مثاليا لجذب الحشد.

كما قام أيضا بوضع قصص صحيفة عن مشاهدات جديدة من الشيطان. وفي عام 1909، اشترى جيفريز مع صديقه جاكوب هوب، مدرب الحيوانات، كنغر من السيرك وألصقوا عليه مخالب وأجنحة خفافيش وهمية. أعلنوا للجمهور أنهم قبضوا على الشيطان وعرضوه في المتحف. اعترف جيفريز بالخدعة بعد عشرين عاما.
]
في الثقافة الشعبية

أصبح شيطان جيرسي رمزا ثقافيا في الولاية، وألهم عدة منظمات لاستخدام اللقب. لعب فريق جيرسي ديفلز في دوري الهوكي الشرقي من عام 1964 إلى 1973. وعندما انتقل فريق كولورادو روكيز إلى ولاية نيو جيرسي في عام 1982، صوت استطلاع المعجبين لإعادة تسمية هذا الفريق باسم نيوجيرسي ديفلز.]

في مارس من عام 2012، استقبل بروس سبرينغستين جمهور فيلادلفيا بوصفه "السيد بالاندز، شيطان جيرسي بنفسه". وقد ظهرت جيرسي الشيطان أيضا في العديد من البرامج التلفزيونية والأفلام،  وألعاب الفيديو،  ووسائل الإعلام الأخرى

No comments:

Post a Comment