الهولندي الطائر The Flying Dutchman هي رواية من الفلكلور
تتحدث عن سفينة أشباح قدر لها أن تبحر إلى الأبد في المحيطات من دون أن تعود لترسو
من جديد في مرساها.ويعتبر ظهورها علامة شؤم للبحارة ونذير بكارثة وشيكة.عادة تظهر
للعيان عن بعد، وإذا حاول أحد الاقتراب منها، يحاول أعضاء طاقمها أن يرسلوا معه
رسائل لناس آخرين على اليابسة، يتبين في ما بعد أنهم ماتوا منذ زمن.تحكي الحكاية
أن ربانها فان در ديك واجه عاصفة في رأس الرجاء الصالح فأقسم أنه سيعبر الرأس ولو
أخذ منه هذا حتى نهاية العالم، فظل تحت لعنة بأن يدور هو وسفينته وبحارته الأموات
إلى يوم القيامة. نسخة أخرى من الأسطورة تتحدث عن قبطان آخر يدعى فالكينبيرغ أجبر
على الإبحار عبر بحر الشمال إلى الأبد لأنه باع روحه للشيطان.
هناك عدة قصص تدور حول اسطورة الهولندي
الطائر، فالبعض يدعي أنها هولندية، وآخرون يعتقدون أن أصلها إنجليزي.هناك الكثيرون
من زعموا أنهم شاهدوا السفينة, منذ عام 1835, والأخير كان عام 1942 عند سواحل كيب
تاون.أما هذا الاسم فقد أصبح مؤثرا حتى تم وضع هذا اللقب على لاعب الكرة يوهان
كرويف ومن بعده العديد من لاعبي الكرة الهولنديين. استخدمت فكرة الهولندي الطائر
في عدد من الأعمال الأدبية والموسيقية فقد اعتمد الشاعر الإنجليزي صَمويل تايلور
كولريدج قصيدته الملاح القديم في عام 1798، على هذه الأسطورة.وحوّر المؤلف
الموسيقي الألماني رِيتشَارد فاجنر القصة في روايته التمثيلية الموسيقية أوبرا
الهولندي الطائر في عام 1843 مما ساعد في انتشار شعبية الحكاية.
يبقى التفسير الأكثر مصداقية لمشاهدات
السفينة المذكورة هو حدوث ظاهرة بصرية يتوهمها الناس على أنها سفينة للأشباح، تلك
الظاهرة تتمثل بالسراب القوي الظهور أو ظاهرة فاتا مورغانا Fata Morgana التي تشاهد عادة في البحر.وهي
مجرد إنعكاسات بصرية ولكن إنعكاسات "مشوهة" لأشكال السفن العابرة من
بعيد ولا تحدث إلا تحت ظروف معينة ولفترات قصيرة وهذا ما يفسر إختفاء وظهور
المشاهدات المزعومة (إقرأ عن فاتا مورغانا في الأسفل) ، تشاهد تلك الظاهرة عادة في
الصباح بعد ليلة باردة مما ينتج عنه إشعاع حراري في الجو في ذلك الشكل من السراب
تبدو الأجسام في الأفق أو حتى ما خلف الأفق ممدودة أو ممطوطة كأنها قلاعاً من وحي
القصص الشعبية الخيالية، ولكنها في الواقع جزراً ، جروفاً صخرية أو سفناً أو قطعاً
ثلجية ضخمة عائمة. عند حدوث سراب قوي (فاتا مورغانا) لسفينة عابرة فمن الممكن أن
يكون لها عدة أشكال، حتى أن الزورق يبدو أحياناً كأنه يطير بمشهد شبحي أو غير عادي
مع تغيير شكله ، كما يمكن أن تبدو السفينة طافية داخل الأمواج وفي أحياناً أخرى
تبدو صورة السفن المعكوسة "فوق" صورة السفينة الأصلية. وفي بعض الأحيان
يكون من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي أو وهمي .ومن المثير أنه عندما تكون
السفينة خلف الأفق فإن ظاهرة فاتا مورغانا ستنقلها للأمام حيث تظهر في الأفق
ولكنها مشوهة.
فاتا مورغانا هي ترجمة إيطالية لإسم الأخت
الغير شقيقة (مورغان لي فاي - باللغة الإنجليزية) لـ آرثر ملك بريطانيا والتي زعم
انها كانت تستطيع أن تحول شكلها كما في القصص الخيالية. يرجع سبب تلك الظاهرة إلى
حدوث ظروف التحول الحراري الذي يتمثل بزيادة الحرارة مع زيادة الإرتفاع عن سطح
البحر، إو ضمن طبقة أو نطاق معين.يؤدي التحول الحراري إلى حدوث تلوث يكون بمثابة
كتلة من الغباشة (ضباب أو دخان)تكون حبيسة وقريبة من الأرض و لها عادة نتائج عكسية
على الصحة، كما يؤدي نفس هذا التحول إلى كبح حركة الجزيئات وأسرها فهو يعمل كغطاء،
فإن حدث خروقات في ذلك الغطاء لعدد من الأسباب فإن حركة الجزئيات في أي وسط رطب
يمكن أن تنفجر بشكل عواصف رعدية عنيفة.
أول مرجع مطبوع لظهور السفينة كتبه جون
ماكدونالد في أسفار في أجزاء مختلف من أوروبا، آسيا وإفريقيا خلال سلسلة من ثلاثين
عاماً فما فوق (1790) يقول:
«عندما كان الطقس عاصفا قال
البحارة أنهم رأوا الهولندي الطائر. والقصة الشائعة تقول أن الهولندي الطائر جاءت
إلى رأس الرجاء الصالح في اسغاثة بسبب الطقس السيء، وأرادت أن ترسو في الميناء
ولكن لم تتمكن من الحصول على إرشادات للقيام بذلك وضاعت، ومنذ ذلك الحين لا تظهر
إلا في الأحول الجوية السيئة.]»
المرجع الأدبي التالي لظهور الهولندي كان في الفصل
السادس من الرحلة إلى خليج بوتاني (1795) (المعروف أيضا باسم رحلة إلى نيو ساوث
ويلز)، ونسبت إلى جورج بارينغتون (1755-1804
«كثيرا ما سمعت عن خرافات
البحارة المتعلقة بالأشباح والموت، ولكن لم أعطها الكثير من الاهتمام في التقرير؛
ويبدو أنه خلال بضع سنوات منذ أن فقدت السفينة الحربية الهولندية قبالة رأس الرجاء
الصالح، ولقيت كل روح عليها حتفها. وتجنبت أقرانها العاصفة، وصلت بعد فترة وجيزة
إلى رأس الرجاء الصالح. وبعد أن أصلحت وعادت إلى أوروبا، هاجمتهم عاصفة عنيفة في
نفس خط العرض تقريباً. في ليلة المراقبة شاهد بعض الناس، أو تهيأ لهم أنهم رأوا
مركباً يقف وراء الأشرعة، كأنه سيتجاوزهم: وتبين لهم أنها السفينة التي تعثرت في
العاصفة السابقة، وأنها هي السفينة المعنية أو شبح السفينة. لكنها اختفت وراء
سحابة كثيفة مظلمة. ولا شيء يمكنه إزالة فكرة هذه الظاهرة من عقول البحارة؛ أو ما
يتعلق بها عند الوصول إلى الميناء، وانتشرت القصة كانتشار النار في الهشيم،
والمفترض أن هذا الشبح هو الهولندي الطائر.]»
المرجع الأدبي التالي يقدم موضوع العقاب بسبب
الجريمة، في مشاهد من النشء (أدنبرة، 1803) التي كتبها جون ليدن (1775-1811):
«خرافة شائعة من البحارة تقول
أنه في أعالي خطوط العرض الجنوبية على ساحل إفريقيا، كثيرا ما تبدأ الأعاصير عند
ظهور شبح لسفينة، تدعى الهولندي الطائر ... ومن المفترض أن طاقم هذه السفينة قد
ثبت ارتكابهم لبعض الجرائم المروعة في مرحلة نشوء الملاحة. وكانت مصابة بالوباء...
وتحتم عليهم اجتياز المحيط الذي لقوا حتفهم فيه، حتى تنتهي فترة التكفير عن جرمهم.
السير والتر سكوت (1771-1832)، صديق جون ليدن،
كان أول من ذكر أن السفينة كانت للقراصنة، كتب في قصائد روكبي. (نشرت لأول مرة في
ديسمبر 1812) تقول أن السفينة "كانت محملة بالسبائك الذهبية وارتكبت جريمة
قتل عليها فأصاب الوباء الطاقم، مما أغلق كل الموانئ على السفينة."
No comments:
Post a Comment