طوال 43 عاماً كان لرجل اسمه إدغار كايسي Edgar Cayce قدرات مذهلة وغير عادية إلى درجة أن البعض وصفه بأنه "
أقوى رجل قرأ الطالع على مر التاريخ " ، حيث كان يدخل في حالة غفوة
Trance ما بين اليقظة والنوم ويزود الشخص بمعلومات مفصلة
عن ماضيه وحاضره ومستقبله بما فيها تفاصيل حياته السابقة ولذلك عرف باسم "
المتنبئ النائم " Sleeping Prophet ، كان كايسي يطلق
على تلك المعلومات اسم " القراءات" Psychic Readings .
تناولت قراءاته النفسية التي بلغت أكثر من 14,306 محفوظة ومصنفة في أرشيف
رابطة البحوث والتنوير ARE في فيرجينيا
بيتش - ولاية فيرجينيا الأمريكية جوانب متعددة منها التنبؤ بوقوع الحرب العالمية
الثانية وبإغتيالات رؤساء مثل حادثة إغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي وما سوف
يكون عليه مستقبل الطب وما يتعلق بنهاية العالم و حتى عن قارة أتلانتس وحادثة
إنقلاب قطبي الأرض الذي حصلت في الماضي البعيد والتي تطابقت مع تقدير علماء الأرض
فيما بعد، لكن أكثر ما يميز قدرات كايسي المزعومة هو طريقة تشخيصه للأمراض وعلاجها
عن طريق الدخول في حالة الغفوة أو التنويم المغناطيسي الذاتي ومن ثم القراءة.
تشبه حياة كايسي حياة العراف نوستراداموس الذي عاش في القرن 16 ، حيث كانا
كلاهما متواضعين بشأن قدراتهما وبدأ كلاهما كمعالجين للأمراض ثم اشتهرا لاحقاً
بتنبؤاتهما عن المستقبل . كان نوستراداموس يهودياً ويعالج حالات مرضية في حقبة
تاريخية انتشر فيها مرض الطاعون في أوروبا وكان على صلة وثيقة بملك فرنسا وقدم
رباعيات ملغزة تلمح إلى أحداث مستقبلية وكان يعتمد على التنجيم التنجيم . في حين
أن كايسي يعتبر نفسه مسيحياً ملتزماً وعاش قبل بروز حركة العصر الجديد
New Age مع أن البعض يرى أنه هو من أسس تلك الحركة وكان
له تأثير على تعاليمها.
ولد إدغار كايسي في بلدة ريفية من ولاية كنتاكي الأمريكية في عام 1877 ،
ونشأ في كنف عائلة ريفية من الطبقة المتوسطة ومتدينة ، كان لسكان البلدة مزارع
القطن والتبغ . ومنذ نعومة أظفاره كان كايسي مختلفاً عن باقي الأطفال في الرؤى
التي تراوده. وفي أحد الأيام غرق أحد عمال أبيه في المزرعة وبعدها صار كايسي يرى
شبحه حول الترعة التي غرق فيها وكانت تلك الرؤى البداية.
اكتشف إدغار كايسي قدرته الغامضة عندما كان عمره 13 سنة. كان أنذاك طالباً
، فذات يوم غلبه النعاس فسقط رأسه على كتاب الإملاء الخاص به. وعندما امتحنه والده
في وقت لاحق ، تمكن إدغار من تهجئة كل كلمة في الكتاب ، حتى أنه كان يعرف رقم صفحة
التي تتواجد فيها ، في تلك اللحظة علم الأب بموهبته حيث قال:
"كل ما كان عليه هو أن ينام فوق كتبه ليلاً ، ثم يصبح مُلماً بكل ما فيها
بسرعة كبيرة سواء أكانت كتب القراءة أو الرياضيات أو التاريخ أو أياً كان ، وقد
أصبح طالباً استثنائياً بدلاً من أن يكون طالباً متوسطاً".
عندما أصبح كايسي في 23 من عمره فقد بشكل مفاجئ قدرته على النطق ، حيث فشل
الاطباء على مدار عام كامل في تفسير مرضه أو علاجه. وكملاذ أخير قام والدا إدغار
بإقناعه بأن يذهب إلى أحد أخصائيي التنويم المغناطيسي. وفعلاً حضر طبيب عائلته
وسجل كل التفاصيل الدقيقة للجلسة. ووفقاً لرواية الطبيب : غرق " إدغار
كايسي" في نوم عميق وعندما استيقظ أدهش الجميع ! ، إذ استطاع الكلام لأول مرة
بعد مرور سنة كاملة كما يقول أبوه الذي استطرد قائلاً : " بدأ إدغار الكلام
وقال نعم نحن يمكن أن نصاب بحالة انقباض في الحلق ومن ثم ينقبض تدفق الدم لذلك يجب
علينا محاصرته" . وعندما طلب منه المنوم المغناطيسي في وقت لاحق بأن يستيقظ ،
وقف إدغار وسعل قليلاً من الدم ثم تمكن من التحدث ، وأنا اعتقد أن هذا ربما كان أول
القراءات ".
أقنع طبيب العائلة كايسي بمحاولة تطبيق التشخيص على المرضى الآخرين الذين
لم ينفع معهم طرق علاج الطب التقليدي ، وقد وافق ، لكن وفقاً لابنه فإن النتيجة
النهائية قد أصابته بخيبة أمل ، حيث قال:
ظهرت المشكلة عندما بدأ الناس يطرحون عليه أسئلة في نهاية بعض القراءات
على سبيل المثال : من هو الحصان الذي سيفوز في السباق ؟ ، وما سيحدث في سوق الأسهم
؟ ، ونتائج مباريات الكرة ؟ ..الخ، وعندما اكتشف ما كان يفعله الناس ، قرر التخلي
عن هذا الأمر " .
في تلك الفترة تخلى كايسي عن قراءاته النفسية ، وتزوج وانتقل إلى ولاية
آلاباما حيث عمل كمصور. وقبل عام 1914 أنجب ولدين هما (إدغار إيفانز) و ( هيو لين)
. وعندما أصبح (هيو لين ) في الثامنة من عمره فقط ، أصيب بجروح خطيرة نتيجة انفجار
وقع في الغرفة المظلمة التي يستخدمها كايسي لتحميض الأفلام. ووفقاً ﻠ(إدغار
إيفانز)، فإن الطبيب المحلي لم يكن لديه أمل كبير حول ذلك حيث قال : "قام
الأطباء بفحصه وقالوا : "حسناً، نحن نعتقد أننا سوف نستأصل إحدى عينيه ،
ويرجح أن يفقد بصره في كلتا عينيه" ، فقال :"أبي ، أعطني قراءة " ،
وبالنسبة ﻠ(إدغار كايسي) ، كان هذا هو الاختبار النهائي ، بعد أن توقف عن ممارسة
قراءاته لعدة سنوات ، فهل يستطيع الآن إنقاذ ابنه من العيش كفيفاً
يذكر إدغار إيفانز ما حدث فيقول : "قام بوصف علاج للعيون كان يشمل
حمض التانيك ، وهو ما لم يحدث قط في ذلك الوقت ، واعتقد الأطباء أنه قوي للغاية
لكنهم اعتقدوا أيضاً بأنه سيفقد عينيه على أية حال ، لذلك لم يكن هناك ضرر
من المحاولة ، وعندما وضعوه عليه لأول مرة ، قال هيو لين : هذا يجب أن يكون علاج
أبي ، لذلك هو لا يضر
وبدا الأمر وكأنه معجزة ، ففي غضون ستة أسابيع ، عاد بصر ( هيو لين )
لوضعه الطبيعي تماماً ، وانتشر خبر شفاء الصبي ، وسرعان ما أصبح كايسي مشهوراً.
نال كايسي شهرة واسعة في عام 1920 في تشخيص الأمراض ، وعلى الرغم من أنه
لم يخضع لأي تدريب طبي ، وعلى مدار حياته أجرى أكثر من 9000 تشخيصاً أو "
قراءات " Readings يدلي بها خلال دخوله
لمرحلة الغفوة . وفي عام 1925 ، انتقل إلى ( فيرجينيا بيتش ) في ولاية فيرجينيا الأمريكية
، وفتح مركزاً هناك.
ساهمت كتابات كايسي في إيجاد أتباع له ، لم تكن جميع قراءات كايسي ( أو
تكهناته ) صادقة إلا أن أغلبيتها تحققت . كان كايسي على إطلاع بسجلات أكاشية
Records Akashic وهي نوع من المكتبة أو أي شيء يقيم في
مستويات عليا من الوجود ، وله صلة بحدوث الأحلام و تجارب خارج الجسد
OBE
أكاشية : صفة مأخوذة من الكلمة السنسكريتية " أكاشا " التي تعني
السماء أو الفضاء أو الأثير ، وهي مصطلح صوفي يصف خلاصة المعلومات الصوفية
المستقاة والمرمزة في مستوى لا مادي من الوجود.
ووفقاً لحديث ابنه كان كايسي يتلقى على مدار السنوات اﻠ(20) التالية
الآلاف من مطالب الحصول على قراءات ، حيث قال الابن : " لقد شعر بأنه لا
يستطيع أن يرفض مطالب الناس لذا فقد بدأ القيام باثنين وثلاثة وأربعة وخمسة حتى
وصل إلى تسعة وعشرة قراءات في اليوم الواحد، وكان ذلك كثيراً جداً بالنسبة له".
ونظراً للإجهاد ..أصيب دغار كايسي بجلطة وتوفي في 3 يناير 1945 مخلفاً
وراءه أكثر من 120 ألف صفحة من القراءات ، ولا تزال هذه القراءات بمثابة منبع أمل
لأولئك الذين يبحثون عن علاجات استعصت على الطب الحديث أمثال كاثي كومورا
.
في عام 1986 ذهبت كاثي كومورا البالغة من العمر 27 عاماً إلى طبيب العيون
الخاص بها بعد حدوث بعض المشاكل البسيطة لديها في الرؤية. وقد ذعرت عندما أخبرها
طبيبها بأنها مصابة بالتهاب شديد في العصب البصري ، كما أخبرها أنها ربما تصبح
عمياء ، تقول كاثي: " لقد كانت تجربة مرعبة جداً ، فقد قال لي الطبيب أنني لا
ينبغي أن أتعجل لأبتاع العصا البيضاء (العكاز)، لكن كلامه هذا كان خطيراً وقد كنت
خائفة للغاية ، أدركت فجأة أن هناك احتمالاً بأن أصبح عمياء ".
ومنذ أن علمت كاثي أنه لا يوجد علاج معروف لهذا المرض ، اختارت البحث عن
علاج بديل فوجدت طبيباً اسمه ( جون باجانو) وهو أخصائي في تقويم العظام في ولاية
نيو جيرسي لكنه على دراية كافية في الأساليب الغامضة التي ابتكرها إدغار كايسي
Edgar Cayce بعد أن درس قراءاته لمدة 30 عاماً ، فذهبت
إليه ، حيث قال : "كان كايسي محدداً للغاية بشأن مناطق العمود الفقري التي
يجب تقويمها ، والحقيقة التي تقول بأن كايسي قد اقترح هذا الإجراء المحدد لمشاكل
العين لا تعني تحديداً قيامه بتشخيصها على أنها التهاب في العصب البصري ، فهو تحدث
عن مشاكل الرؤية والعمى وهذا ما جعلني اقترب من دراساته وليس إلتهاب العصب البصري
هو ما جعلني أفعل ذلك ". وفي غضون سبعة أيام ، عاد بصر كاثي كاملاً. وأعرب
الدكتور ( جون باجانو ) أن علاج كايسي كان مسؤولاً عن شفاء كاثي
.
يعارض المتشككون بشدة إجراءات كايسي مثل البروفسور بول كورتز من جامعة
بوفالو بولاية نيويورك إذ يقول: "أعتقد أن الكثير من مواد كايسي تعتمد على
الخداع، كما أعتقد أن هناك تأثير وهمي في ذلك العمل ، فإن كنت كان لديك إعتقاد بأن
شخصاً ما سيقوم بشفائك ، وأعطاك حبات من السكر الأبيض دون معرفتك بحقيقتها ،فعند
ذلك ستشعر بتحسن و ربما تشفى فعلاً وهذا يعود إلى العقل الذي يمكن أن يكون له ذلك
التأثير المهيمن"
على الرغم من وفاة كايسي في عام 1945 ، فإن العديد من الممارسين لا يزالون
يتبعون تعاليمه ، ويرفض البعض اعتبار تلك العلاجات مجرد مصادفة أو حسن حظ . وما
زالت أساليب إدغار كايسي تعطي أملاً عند أولئك الذين لم يستطع الطب الحديث علاج
أمراضهم .
ويبقى السؤال هنا : كيف يمكن تفسير حياة إدغار كايسي الفريدة ؟ فعلى الرغم
من رفض المجتمع الطبي لتأييد أساليبه إلا أنه في الوقت نفسه غير مستعد للتخلي عنها
!
No comments:
Post a Comment