Tuesday, October 30, 2018

طريقة تحضير الأرواح


استحضار الأرواح مصطلح نسمعه عديدًا، إلا أن مبدئيًا لنتفق أنه لا يبقى واحد منٌ على وجه البسيطة يعي ماهي الروح أو يعلم سرها وكيانها وحقيقتها وتكوينها وطريقة دخولها وخروجها وطبيعة حياتها وعلاقتها بالجسم الجوهري ومكانها فيه وحياتها عقب خروجها منه، إلا أن لنبدأ مطلعً طفيفة تقول أنه لا واحد من سيتحدث عن استحضار الأرواح أو أي شيءٍ يرتبط بالروح عقب وفاة الإنسان سوى هؤلاء الذين يؤمنون بوجود حياةٍ أخرى وبأن الوفاة ليس هو الخاتمة، أيًا كان هؤلاء الذين يؤمنون بهذا وأيًا كانت ديانتهم، الهام أنك لن تجد إيمانًا باستحضار أرواح الموتى عند من يعتقدون أن صقيع الجسم وموته هي خاتمة كل حيٍ ولا وجود لبقيةٍ للقصة، لا نعرف تصرفًا متى بدأت فكرة استحضار الأرواح في الظهور ولا ما كان مصدرها ولا لماذا ظهرت حتى! هل هو فردٌ حنّ لأحبائه الموتى؟ هل هو ساحرٌ دجالٌ اخترع الفكرة وقرر أن يحصل على المال من الناس منها؟ هل بدأت الرواية من عالم الموتى أم من عالم الأحياء أساسا؟ لربما بدأت في بعض هذه المنازل المخيفة المسكونة؟ وفكرت بعض الأذهان في أن تمكُّن أرواحٍ غاضبةٍ على الرجوع وحدها تعني أنهم يمكنهم استدعائها متى أرادوا في الوقت الذي يحددونه؟ لا تتعب نفسك فلا واحد من يعلم الحقيقة وربما الزمان الماضي ذاته لا يدري متى بدأ الإنس بالإيمان والاقتناع بفكرة استحضار الأرواح ومحاولة تنفيذها.

لربما وُلدت هذه الحكايات ودارت في الظلام والمنازل المهجورة والغرف المعبقة بالدخان والظلام من قبل هذا الزمان الماضي بكثير، إلا أن في مرحلةٍ ما لم تعد فكرة استحضار الأرواح قصرًا على الدجالين والمشعوذين وحدهم وإنما خرجت أصوات علماءٍ لربما جنوا في آخر حياتهم مثل سويدنبرج الذي أتى بعدما أتم السبعين فهجر كل ما قضى عمره يتعلمه ويتعمق فيه من فلسفةٍ وفلكٍ ورياضياتٍ وهندسة وألقى به بطول ذراعه وبدأ يتحدث عن اللاهوت والله والعالم الآخر والأرواح والحياة في أعقاب الوفاة، ولم يكتفِ بهذا وحسب بل وضع أول كتابٍ من نوعه يتحدث عن استحضار الأرواح وحقيقتها ولقائه معها وتلقيه المستجدات والخبرات منها عن العالم الآخر وعالم الموتى والمكافأة والعقاب والجنة والنار وأنه قادرٌ على التواصل معهم كيفما شاء، وظل غارقًا في هذه القصص والناس تنظر إليه بعين العجب حتى لقي حتفه، أتى الثاني بعده بخمسين عامًا في أمريكا ليصبح أول من يضع رابطةً بين التنويم المغناطيسي واستحضار الأرواح وبناءً على هذا بدأ يضع الكتاب تلو الآخر في هذا الموضوع واعتبر ذاته مختصًا وعالمًا هائلًا في معرفة الأرواح وحياتهم ودنياهم التي وصفها بأنها أشبه ما تكون بدنيانا بكل حسناتها وسيئاتها لا يفصلنا ويفرقنا عنهم سوى أجسادنا العينية التي لا يملكونها
.
أقوالٌ عن الجسم والروح وما يربطهما

عجزنا عجزًا كامِلًا عن علم الروح وحقيقتها ومهما بحثنا وتعمقنا وتطورنا في علومنا فلن نعرفها لأن الله عز وجل عندما سُئل عنها صرح لنبيه محمد قل الروح من أمر ربي! ما يقصد أن الروح سرٌ من الأسرار التي استأثر بها الله ذاته ولم يخبرنا عنها إذًا ليس هناك داعي للسعي خلف أمرٍ لن نعرفه مهما فعلنا، إلا أن القلة وخصوصاً من العلماء ساقتهم رغباتهم وفضولهم العلمي وألم الجهل على قلوبهم ونفوسهم إلى مسعى العثور على بلورة الطاقة التي تبعث الحياة في ذلك الجسم، والتي ما إن تغادره حتى يهمد الجسم ويفنى ويتحلل فيا للعجب! وهل من المحتمل استحضار الأرواح عقب علم حقيقة هذه البلورة أم لا لكنهم لم يصلوا ولو قيد أنملةٍ للحقيقة، كل ما أعرب عنه الباحثون والأطباء والعلماء كانت نظرية تقول بأننا لا نتكون من جسمٍ وروحٍ وحسب وإنما بينهما ما يُسمى بالجسد الأثيري، وهو هامدٌ كالجسد بلا الروح وزنه خفيفٌ جدًا ويتكون من جسيماتٍ طفيفةٍ لا تُرى بدون نظارة رؤية خاصة ولا يمكنه أن يشاهده إلا أفرادٌ محددون، ووظيفة هذا الجسد الأثيري هو حمل الروح وربطها بالجسم، ويعتقدون أيضًا أن الجسم الأثيري يغادر الجسم حاملًا الروح نحو السبات بمثابة السبات هو الوفاة الأصغر، ومثالٌ طفيفٌ عن عملية الوفاة الكبرى إلا أن الجسم والجسد الأثيري لا ينفصلان تمامًا بدون يَبقىّا على تستمرٍ عبر حبلٍ يربطهما ويعيدهما معًا ثانيةً نحو الاستيقاظ
.
انتشار فكرة استحضار الأرواح

لم تكن فكرة استحضار الأرواح مقتصرةً على فئةٍ أو أفرادٍ محددين فمع ظهورها وشيوعها صار الجميع بكل أنواعهم يعتقدون بإمكانيتها ويؤمنون بقدرتهم على الاتصال مع الأرواح وعالم الموتى ويعتقدون بأنهم لم يفقدوا أحبتهم تمام الفقد في أعقاب وأن هناك أداةً لائحةً تتيح لهم الاتصال معهم وبثهم شوقهم ولواعجهم، لا تندهش إن وجدت قديسين في كنيسة يؤمنون باستدعاء أرواح كإيمان مشعوذين ودجالين بها كإيمان سحرةٍ وملعونين بها كإيمان صوفيين ومسلمين بها! فكلٌ استخدمها ليخدم قصدًا محددًا خاصًا به، وقد يكون الفرد منقادًا وراء الفكرة لدرجة أنه هو ذاته مقتنعٌ بحقيقتها ووجودها فعليا، كما أن الباحث في الحضارات القديمة كالفرعونية والهندية والوثنية سيعرف أن هذه الحضارات آمنت إيمانًا مطلقًا بعملية استدعاء الأرواح ومحادثتها ولقائها والتشرب من خبراتها، لهذا ما كانت فكرة استحضار الأرواح الجديدة سوى إحياءً لفكرةٍ كانت حاضرةً وراسخةً في الزمن الفائت ثم اختفت وعادت للظهور ثانيةً، وبعد هذا بدأ بعض المؤمنين بها بتغييرها من المنحى المظلم المشعوذ للجانب الدراسي والمختبرات والمعامل والنظريات والعلوم في مسعىٍ لإثباتها واستخدامها
.
طرق تأهب الأرواح

كما قلنا فانتشار فكرة استحضار الأرواح جعل منها نسبيةً ومختلفةً من فردٍ لآخر ومن فئةٍ لأخرى وفق المقصد الذي يسعى يخدمه، وبذلك ستجد الكيفية أكثر اعتمادًا على أساس هؤلاء الأفراد ومعتقداتهم واتجاهاتهم، فتجد السحرة والمشعوذين والدجالين يملكون فكرةٌ عن استحضار الأرواح من خلال الحجرات المظلمة والأماكن المهجورة وألواح الويجا والشموع والدخان والأبخرة وتلاوة مفرداتٍ غريبةٍ مرعبة لا معنى لها من الأساس وبهذه الأسلوب تحضر الروح! أو تجد في المختبرات ومع الناس الذين يدعون أنهم أكثر تفتحًا وعلمًا وثقافةً فتتحول جلسة استحضار الأرواح دومًا إلى جلسة تنويمٍ مغناطيسيٍ تبدو فيها الروح بأسلوبٍ من الأساليب وبشكلٍ من الأنواع، وغالبًا ما تبدو الروح عبر جسم الفرد الذي تم تنويمه مغناطيسيًا فتظهر وكأنها تستخدمه كوعاءٍ لها لتتمكن الاتصال مع عالمنا، وفي موضعٍ آخر ستجدهم يعتقدون في احتضار الأرواح بالطاقة النفسية المجمعة السيئة أو الجيدة، كحلقات أوضحٍ مثلًا تواصل حتى يدخل الجميع في هالةٍ نفسيةٍ محددة وعندها تحضر الأرواح الصالحة لتشاركهم مجلسهم، أو كمكانٍ معزولٍ مليءٍ بالطاقة السلبية الغاضبة نتيجة لـ جنايةٍ عنيفةٍ تمت فيه فاستدعت أرواحًا غاضبة
.
استحضار الأرواح أبوين

لا يفتقر منا الشأن القول أن الدين يتضاد تمام المحتجون مع فكرة استحضار الأرواح ولست أظن أن أي دينٍ سماويٍ أتى من نحو الله يقر هذه الفكرة ويدعمها، أكثرية هذه الأشياء ماهي سوى خرافاتٌ أتقنها أصحابها والأرواح سرٌ من أسرار الله كالغيب تمامًا لم يخرج واحد منًا عليه ولا معنى لكل هذه المساعي، بل إن أكثرية هذه المعتقدات والإيمان بأشياءٍ كهذه قد يؤدي للكفر الكامل بالله وبدينه وبكل ما أنزله، فالروح شيءٌ لا مزاح فيه والحياة والموت والحياة في أعقاب الوفاة قضايا لا يلزم العبث فيها بهذه الكيفية لأن الله قدر لنا أن تكون هذه الموضوعات أضخم من إدراكنا حتى لا نعبث

 

No comments:

Post a Comment