معظمنا سمع عن التنويم المغناطيسي Hypnosis والكثير منا ربط تلك الكلمة بممارسات السحر الأسود أو إمتلاك
قدرات خارقة أو استخدامه لغرض إيذاء الناس الأبرياء وربما تعود تلك الأفكار إلى
التأثر بالأفلام والراوايات في الماضي.وعلى الرغم من قدم ممارسته إلا أنه ما يزال
يشكل لغزاً من خفايا العقل البشري ، فما هي حقيقة التنويم المغناطيسي ؟ في الواقع
لا يعلم الأطباء النفسانيون ماهية التنويم المغناطيسي بالضبط، ولكن الغالبية
العظمى منهم يتفقون على أن التنويم المغناطيسي هو حالة إنتقال أو حالة أخرى تختلف
حالة الوعي ولعل من أهم خصائص تلك الحالة هي تركيز الإنتباه بشدة و الإنفتاح
المتزايد على المقترحات التي يعطيها من يقوم بالتنويم المغناطيسي.
يعتبر التنويم المغناطيسي أو الإيحائي من أقدم طرق المعالجة النفسية عبر
التاريخ ، فالعائلة الملكية في مصر الفرعونية استخدمته لمعالجة حالات الإكتئاب
الناتجة عن الأمراض وكان للمعالجين سمعة ومكانة كبيرة في مصر القديمة لأنهم كانوا
يدعون إمتلاكهم لقوى خارقة تساعد في شفاء الناس من خلال الإيحاء. كما لعب التنويم
المغناطيسي دوراً هاماً لدى الهندوس القدامى حيث كانوا يكرسون نوعاً من المعابد
تسمى بمعابد التنويم لهدف معالجة الأمراض التي لم تنجح فيها طرق الشفاء التقليدية
آنذاك واكتشف علماء الآثار كتاباً قديماً بعنوان "قانون مانو" الذي أورد
ثلاث مستويات مختلفة من التنويم المغناطيسي وهي: النوم في حالة النشوة و النوم
العميق والمشي خلال النوم .وحسب ما هو معلوم لم يتعرف الغرب إلى التنويم
المغناطيسي إلا بعد الدكتور فرانز ميسمر في الذي عاش في القرن الثامن عشر (1734 -
1815) وهو فيزيائي نمساوي ، قام الدكتور ميسمر في التحقيق في تلك الظاهرة التي
دعيت باسمه الميسمرية وما زالت تلك الكلمة تستخدم لحد الآن. لكن كلمة التنويم
المغناطيسي Hypnosis لم تظهر إلا بعد أن صاغها جيمس
برايد وهو جراح اسكتلندي، قدم برايد نظرية مفادها أن الإستمرار في التحديق في جسم
متحرك أو ثابت لفترة من الزمن ستؤدي بدخول الشخص إلى حالة من اللاوعي وهذه الحالة
لا تعتبر نوماً وإنما حالة تفصل بين الوعي واللاوعي وبعد ذلك الإكتشاف وصف جيمس
برايد على أنه "رائد التنويم المغناطيسي".
حقائق عن التنويم المغناطيسي
التنويم المغناطيسي ليس له في الحقيقة أية علاقة بالنوم أو في المغناطيس.
يصبح صوت المنوم هو المسيطر الوحيد على شعور ووعي النائم ايحائيا.
يخفض المنوم صوته شيئا فشيئا حتى لا يكاد يسمع ثم يكرر عبارات مهمة تحوي
كلمات مثل: نائم- حالم- مسترخ، ثم يبدأ في ادخال صور تتولى عملية تعميق التنويم.
مثال لحالة بسيطة وشائعة للتنويم المغناطيسي: نقوم بتنويم شخص ما
مغناطيسياً ونوحي له ان الماء الذي سيرتشفه سيكون ممتلئاً بالفلفل بعدها نوقظه من
النوم سيبصق الشخص حينئذٍ باشمئزاز ولن يكون بمقدور أي إنسان في العالم أن يبعد عن
ذهنه هذه الفكرة وبغية انتزاعها منه يتوجب تنويمه مجدداً.
الشخص الواقع تحت التنويم المغناطيسي لا يقوم باي عمل لا يريده حيث لا
يمكن اجباره على القيام باعمال لا يرغب بها.
اثناء عمليه التنويم ان الشخص يبقى مفتوح العينين وانه يستوعب جميع ما
يدور حوله ولكنه لا يستطيع الاجابه الا على الشخص القائم بعمليه التنويم
المغناطيسي.
من يقوم بالتنويم المغناطيسي عليه أن يكون على دراية وخبرة كافية وأن تتصف
شخصيته بالوقار والاحترام والمحبة حتى يستطيع أن يهيمن على الآخرين بما يمتلك من
قوة الشخصية والارادة.
هل ينجح التنويم المغناطيسي على أي شخص؟
لا يمكن إجراء التنويم المغناطيسي على أي شخص ، فقد وجدت الدراسات أن
حوالي 10% من الناس لا يستجيبون إلى أية محاولة للتنويم المغناطيسي، ونسبة تتراوح
بين 5 إلى 10% يدخلون في حالة عميقة من التنويم المغناطيسي، ففي عام 1970 وجد
الباحث النفساني إرنست هيلغارد أن الأشخاص الأكثر تأثراً بالتنويم المغناطيسي هم
الواثقون من أنفسهم والمنفتحون ذهنياً والموضوعيون فهم قادرون على الدخول في تجارب
تخيلية، كما وجد هيلغارد أن الأشخاص الذين يستجيبون للأوامر خلال جلسات التنويم
المغناطيسي هم من الذين عاشوا طفولة قاسية ولقوا عقاباً لذلك يميلون إلى العيش في
الخيال ليبتعدوا عن ظروف حياتهم الصعبة في الماضي وبالتالي يمثلون أفضل موضوع
لدراسة تلك الظاهرة.
هل يمكن الوثوق بإفادة الشاهد الذي جرى تنويمه مغناطيسياً ؟
ما زال استخدام التنويم المغناطيسي يثير جدلاً يتعلق بمدى صدق التفاصيل
التي يرويها الشاهد أو الضحية خلال جلسة التنويم المغناطيسي، يقول الدكتور أورني
وهو بروفسور في علم النفس من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية:
"الزعم بأن استخدام التنويم المغناطيسي كاف لاسترجاع الكثير من تفاصيل
الذكريات المخبأة ما زال أمراً مشكوكاً فيه إلى حد بعيد". وفي إحدى القضايا
حذر الدكتور أورني من قبول شهادة شخص قبل بدء جلسة المحاكمة لأن الشرطة أجرت له
عدداً من جلسات التنويم المغناطيسي، لأن بعض الخبراء يعتقدون أن تلك الجلسات تساهم
أيضاً في غرس ذكريات جديدة لم تكن موجودة أصلاً في عقل الشخص قبل تنويمه وهي ناتجة
أصلاً عن إيحاءات من قام بتنويمه وبناء على ذلك لا يعتبر التنويم المغناطيسي وسيلة
موثوق بها في المحاكم أو للوصول إلى الحقيقة الكاملة لما حدث بالفعل.
التنويم المغناطيسي والإختطاف من قبل المخلوقات الفضائية
استخدم التنويم المغناطيسي أيضاً لمعرفة تفاصيل حالات الإختطاف أو
الإغتصاب التي حدثت لبعض الأشخاص، ولعل أشهر حادثة كانت بارني هيل وزوجته اللذان
صرحا خلال جلسات التنويم المغناطيسي عن اختطافهما من قبل مخلوقات غريبة عندما كانا
في رحلة في سيارة ، فوصفا المركبة الفضائية التي نقلا إليها وتفاصيل تلك المخلوقات
حيث أفاد بارني أن المخلوقات أخذت عينة من سائله المنوي وزوجته تعرضت لأداة
إسطوانية كانت موضوعة على سرتها ، ولكن بعض علماء النفس يفسرون ذلك على أنه تأثر
بما قرآه من راوايات خيالية ظهرت في العقل اللاواعي خلال جلسات التنويم فهم لا
يعولون كثيراً على تلك التفاصيل التي أدليا بها خلال جلسات التنويم المغناطيسي.
التنويم المغناطيسي كعلاج
حاليا يستخدم القليل من الاطباء وخاصة النفسيين التنويم المغناطيسي لعلاج
مشاكل الاعصاب والارق والصداع وادمان الكحول او المخدرات حيث يشترطون وجود احد
اقارب او اصدقاء الشخص معه. كما يستخدم التنويم المغناطيسي أيضاً من أجل للتخلص من
التدخين والكحولية والتثبيط الجنسي والخوف والشعور بالدونية ومن بعض الآلام
النفسية والجسدية. وتقوم هذه الطريقة على خلق صورة عن الذات تندمج تدريجياً مع
الشخصية بحيث يصبح الإنسان ما يريد أو ما يفكر فيه. و يهتم بعض الأطباء الأميركيين
منذ بعض الوقت بالتنويم المغناطيسي الذاتي وهي تقنية مشتقة من الإيحاء الذاتي
تساعد بشكل جاد على صقل الشخصية والتحرُّر من بعض العادات السيئة واكتساب أخرى
أكثر ملائمة.
يمكن للتنويم المغناطيسي أن يكون خطراً خصوصاً إن جرت ممارسته من قبل شخص
لا تتوفر فيه الخبرة الكافية ، لذلك لا تقوم بإجرائه على نفسك أو أشخاص آخرين دون
أن تتعلم المزيد عنه وعلى يد خبير.
No comments:
Post a Comment