تعتبر أحلام اليقظة من الحالات المرتبطة بالاحلام وكما يدل الاسم يتضح لنا
أنها حالة تشبه الحلم لكنها لا تحدث أثناء النوم ، حيث أن الشخص في هذه التجربة
ينفصل عن الواقع إلى إطار من التخيل يشبه الحلم المرئي ، ويرى الباحث النفساني
هارفرد ديدر باريت أن مصطلح "أحلام اليقظة " DayDreams ينطبق على أولئك الأشخاص الذين يمرون بتجارب يتوارد إليهم
خلالها صور ذهنية تكون جلية (تامة الوضوح) وشبيهة بالحلم، بينما يرى العديد من
الناس أنها تشير إلى خيال معتدل يتضمن تخطيط فعلي للمستقبل أو مراجعة لذكريات
الماضي أو حتى الشرود (حيث لا نملك أدنى فكرة كالعقل الفارغ من أي أفكار).
وهناك تباين في وجهات النظر حول أحلام اليقظة فالبعض يقول أنها تتعلق
بمواقف لا شعورية يتمنى الإنسان تحقيقها وهناك من يذكر أنها من نتاج الذاكرة،
وهكذا تعددت الآراء واختلفت التفسيرات لكن واقع الأحلام واحد. (الصورة من أعمال
الفنان دون داهلكي).
في أثناء حلم اليقظة قد يتصور الإنسان أنه بلغ الأمل وحقق الكثير من
الإنجازات ، أو قد يتخيل له أنه إحدى الشخصيات المرموقة ويعيش في هذا الجو الممتع
منفصلاً عن الواقع والظروف المحيطة به لفترات متفاوتة والمشكلة هنا أن مثل هذه
الحالة قد تعوق الشخص عن أداء مسؤلياته ، حيث أنها تضيع الكثير من فرصه بل وتهدد
طاقاته وتبدد وقته ، وهذا النوع يتعلق بالمشاكل اليومية سواء أكانت إقتصادية أو
إجتماعية أو سياسية أو غيرها.
خلال حلم اليقظة يحدث نوع من شرود الذهن لدى الفرد ويؤدي إلى إنعزاله عن
الواقع نتيجة إنشغاله بتخيلاته آملاً في إشباع رغباته التي لا يمكن إشباعها بالشكل
الإعتيادي وهذه الحالة تأتي مصاحبة لتوتر نفسي أو ضعف جسمي أو حالة إسترخاء تام.
ولأحلام اليقظة بعض الفوائد ، أهمها تنمية التخيل المبدع ودعم التصور التأملي لكن
في حالة زيادته عن الحد المعقول والمسموح به قد يؤدي إلى نوبة من التوحد بل وإهمال
الحياة الواقعية.
أظهرت دراسة قام بها إيريك كلينغر في الثمانينيات من القرن الماضي أن معظم
أحلام اليقظة هي أحداث يومية وإعتيادية تساعدنا في تذكر واجباتنا الحياتية . أظهرت
ا لدراسة أيضاً أن أكثر من 75% من العمال الذين يشتغلون في " أعمال مملة
" مثل عمال (حراس) الإنقاذ وسائقي الشاحنات يلجاون إلى أحلام يقظة جلية بهدف
التخفيف من شعورهم بالضجر من أعمالهم الروتينية ، ووجد الباحث أيضاً أن أقل من
نسبة 5% أحلام اليقظة عند العمال تتضمن أفكاراً جنسية جريئة ، كما كانت أفكار
العنف في أحلام اليقظة أقل حضوراً.
وأظهرت مؤخراً دراسة أخرى أن أحلام اليقظة غالباً ما تشبه الأحلام الليلية
في أنها الوقت الذي يعزز فيه الدماغ عملية التعلم ،كما تساعد أحلام اليقظة الناس
على تصنيف أنواع المشاكل وبالتالي تحقيق النجاح. وأظهرت صور الرنين المغناطيسي
للدماغ على أن مناطق لها صلة بحل المشاكل المعقدة تصبح محفزة خلال فترات أحلام
اليقظة.
عندما درس الأخصائي دان جونز النماذج التي من خلالها تمكن بعض الناس من
تحقيق النجاح الباهر كالمقاول ريتشارد برانسون و بيتر جونز وعباقرة أمثال ألبرت
أينشتاين و ليوناردو دافنشي ومبدعين أمثال بيتهوفن و والت ديزني وجد أن لديهم
قاسماً مشتركأً واحداً وهو أنهم قضوا وقتاً في أحلام اليقظة حسب مجال كل منهم.
يستخدم أخصائيو علم نفس الرياضة معارفهم لسنوات بدون أي يكون لهم صلة مع
أحلام اليقظة ، إذ يساعدون الرياضيين على إحضار النجاح كصور ذهنية
Visualization ، وأظهرت دراسات أن أولئك
الذين يستخدمون التصور الذهني يحققون نجاحاً أكبر من أولئك الذين يعتمدون فقط على
التمرين. ومن المعروف حالياً أن التصور الذهني يُدخل الدماغ في نفس حالة أحلام
اليقظة.
تنقسم أحلام اليقظة إلى نوعين:
أحلام اليقظة الإيجابية
هي التي تؤدي إلى الإبداع وحل المشاكل التي يتعرض لها الفرد، كما تدفع إلى
الراحة النفسية والتخلص من التوتر، وبالتالي تؤدي إلى إراحة الجهاز العصبي وتقوية
الروابط العصبية في الدماغ والتخطيط للمستقبل كما أنها تنشط القسم الأيمن من المخ
وتنمي الذاكرة.
أحلام اليقظة السلبية
تتضمن استعراض المواقف المخيفة والمرعبة التي تعرض لها الفرد مع تكثيف
تذكر العلاقات الإجتماعية السلبية التي مرد بها الفرد ، وبالتالي تنشأ بل وتتفاقم
المخاوف أكثر فأكثر ، وهذا النوع قد يصاب فيه الشخص بالبكاء فجأة وأحياناً تتنباه
نوبات إنتقام شديدة فيغضب ويثور دون مناسبة ، بل وقد يعتدي على الآخرين وهذا
الصراع الداخلي من الممكن أن يقضي عليه تماماً.
No comments:
Post a Comment