كان الحكم فى مصر خلال العصر اليونانى الرومانى ينقسم إلى نوعين أثنين مختلفين ، ففى خلال اليونانى اعتبر البطالمة وقد نصبوا أنفسهم إلهة لرعاياهم أما فى العصر الرومانى فكانت مصر تحت حكم نائب عن الإمبراطور الرومانى .
وإلى جانب الملك كان هناك عدداً من الوزراء وأهمهم وزير المالية ورئيس القضاة وكذلك وزير الحرب .
وإلى جانب الملك والوزراء كان هناك جهاز أدارى دقيق ومنظم يعمل به جيش من العاملين المدربين ويتكون من رؤساء ومديروا المصالح وأقسامها المختلفة .
وإلى جانب هذا الجهاز الإدارى العالى كان هناك ثلاث مدن إغريقية : نقراطيس ـ الإسكندرية ـ بطر ليميس . وهذه المدن الإغريقية الثلاثة فى مصر تمثل دولة مستقلة ذات سيادة ولكنها كانت خاضعة للملك إلا أنها تحتفظ باستقلال ذاتى بسيط مميز
أما عدا ذلك فقد قسمت مصر إلى وحدات إدارية رئيسية محافظات وغير البطالمة أسماء المحافظات المصرية الفرعونية وقد احتفظ المحافظين المصريين بمواقعهم وبمناصبهم إلى جانب تعيين حاكم عسكرى وكان يطق على المحافظة اسم " تومارخ
وكل محافظة تنقسم إلى أقاليم " توبوى " وكان لكل محافظة عاصمة أو مقر المحافظ وكان لكل أقليم حاكم إدارى " ابيستايتس " وعمدة "توبارخ" وريئس للشرطة وموظف مالى . وينقسم الإقاليم إلى مراكز والمراكز إلى قرى ولكل مركز حاكم أدارى ورئيس شرطة وموظف مالى
فكان النظام الإدارى للحكم فى خلال العصر البطلمى هرمى الشكل قمته الملك وقاعدة الشعب وقد ساعد هذا النظام الدقيق للإدارة البطالمة لسهولة حكم مصر ووضعها فى قبضهم من خلال التسلسل الإداري .
سار الرومان فى حكم مصر على نفس النظام الإدارى للبطالمة وأن زاد أحكام قبضة الحكام على هذا النظام وكان على راس الجهاز الإدارى حاكم عام ينوب الإمبراطور لحكم مصر حمل لقب " بريفكتوس" وهو قائد الجيوش والجهاز الإدارى وله سلطه تعيين وعزل الموظفين عدا ما يعينهم الامبرطور بنفسه . وهو أيضا القاضى الأول والذى كان يعقد ثلاثة اجتماعات سنوياً .
وقـد قسمـت البـلاد إلى ثلاثة أقاليم لكل أقليم حاكم يسمى " ابستراتيجوس " وهى ( الدلتا ـ مصر الوسطى ـ طيبة ) . وكل أقليم يقسم إلى " تومات " وهى تساوى " محافظات " . ولها حاكم وكان من سكان نفس الأقاليم . وكان له دور كبير ونفوذ كبير حيث كان هو واضع وجامع الضرائب ويساعده " أمين المحفوظات " يشرف على دار المحفوظات الخاصة بالأقاليم إلى جانب موظفى الإدارات المحلية ثم إدارات القرى .
من هنا نجد أن نفس النظام الإدارى الذى استخدم فى مصر البطلمية هو الذى استخدم فى مصر الرومانية وأن اختلفت الألقاب . وأن اختلف وضع الموظف من مهنة يتولها ويتكسب منها إلى تكليف عن غير رضى فى العصر الرومانى
أما بالنسبة للمدن الإغريقية فقد حرص الرومان على أحكام قبضهم على النزعة الاستقلالية لهذه المدن ولم يقم الرومان بناء مدن أخرى سوى مدينة أسسها هادريان عند زيارته بمصر عام 130 م ومنحها دستور إغريقيا وأعطى مواطنها امتيازات خاصة .
حكم البطالمة خلفاء الاسكندر الأكبر مصر بعد وفاته وتمكنوا من إنشاء دولة فيها تمتعت بكل مظاهر الاستقلال حتى سنة (31 ق. م)حيث تمكن اكتافيوس من الانتصار على كليوباترا السابعة وأنطونيوس الكبير في موقعة أكتيوم البحرية في نفس هذه السنة ومنذ ذلك التاريخ صارت مصر ولايه رومانية وانتهت دولة البطالمة في مصر.
ظلت مصر في الفترة التي ما بين سنة(31 ق. م)وسنة (395 م)تابعه للدولة الرومانية واعتمدت روما في توطيد سلطانها على مصر بالقوة العسكرية والتي أقامت لهم الثكنات في أنحاء البلاد فكان هناك حامية شرق الإسكندرية وحامية بابليون وحامية أسوان وغيرها من الحاميات التي انتشرت في أرجاء البلاد.
وكان يتولى حكم مصر وال يبعثه الإمبراطور نيابة عنه ومقره الإسكندرية يهيمن على إدارة البلاد وشئونها المالية وهو مسئول أمام الإمبراطور مباشرة وكانت مدة ولايته قصيرة حتى لا يستقل بها ،وهذا ما جعل الولاة لا يهتمون بمصالح البلاد بل صبوا اهتماماتهم على مصالحهم الشخصية وحرموا المصريين من الاشتراك في إدارة بلادهم مما جعلهم كالغرباء فيها ،بالإضافة إلى منعهم من الانضمام للجيش حتى لا يدفعهم ذلك إلى جمع صفوفهم ومقاومة الرومان في المستقبل.
وأمام هذه السياسة الجائرة فقد رأى المصريون أن الرومان مغتصب آخر أخذ الحكم من مغتصب أول وهم البطالسة ،فلم يتغير من الوضع شيء بل أزداد الأمر سؤ كما كان يحدث عادة عند انتقال الحكم من أسرة فرعونية إلى أخرى فرعونية.
وقد رضخ المصريون لهذا الحكم فترة وثاروا في فترات وكانت الحاميات الرومانية تقضى على هذه الثورات بكل عنف ومن أخطر هذه الثورات ما حدث في عهد الإمبراطور (ماركوس أورليوس) :(161_180 م) وعرف بحرب الزرع أو الحرب البكوليه_ نسبة إلى منطقه في شمال الدلتا _ وتمكن المصريون من هزيمة الفرق الرومانية وكادت الإسكندرية أن تقع في قبضة الثوار لولا وصول إمدادات للرومان من سوريا قضت على هذه الثورة.
كانت مصر بالنسبة إلى روما البقرة الحلوب إذ كانت نظم الإدارة تستغل الثروات وتبتز أموال المصريين تجارا ومزارعين وصناعا حتى هجر عدد كبير من المصريين متاجرهم ومزارعهم ومصانعهم مما أدى إلى كساد التجارة وتأخر الزراعة وتقهقر الصناعة، وقلت الموارد، وضعف الإنتاج، وأهمل نظام الرى وفقد الامن وكثر السلب والنهب، وفر المصريين من قسوة الحكم وفساده، وجشعه، فقد فرضت ضرائب عديدة لا حصر لها فهناك ضريبة سنوية تجبى على الحيوان وعلى الأرض الصالحة للزراعه، وعلى الحدائق، وضريبه شهريه تجبى من التجار على اختلاف متاجرهم وكذلك على التجارة المارة من النيل.
وكان صاحب المصنع ملزما بدفع ضريبه قبل خروج البضاعة من مصنعه ،وضريبة التاج التي كان المصريون يكرهون عليها لتقديم الأموال هدية لشراء تاج الإمبراطور عند ارتقائه العرش أو عند الشروع في بناء معبد أو تمثال للإمبراطور، وضريبة على السفن والعربات وبيع الأراضي، وعلى الحمامات العامة والأسواق، وأثاث المنازل، ومن لم يقم بدفع هذه الضرائب فإنه يعمل في السخريه في حفر الترع وتطهيرها. وعلاوة على ذلك كان على المصريين تزويد الجنود الرومان بالقمح والشعير لغذائهم وعلف دوابهم عند مرورهم بقرى مصر. وقد أثقل الرومان على المصريين بالضرائب الباهظة المتعددة التي شملت كل شيء والتي جعلت الحياة جحيما لا يطاق، مما أدى إلى فرار كثير من الزراع عن مواطنهم، وترك أرضهم بدون زراعه، فارتفعت الأسعار، وتدهورت الزراعة، فالصناعة واكمشت التجارة.
ترك الرومان للمصريين في بادئ الأمر حرية العقيدة، وعاملوهم في هذه الناحية باللين، فلم يتدخلوا أويحدوا من حرية المعتقدات، وكانت مصر كغيرها من الولايات الرومية تدين بالدين الوثنى، وظل المصريون ينعمون بهذه الحرية إلى أن نشأت المسيحية في موطنها الأم فلسطين، وكانت مصر في طليعة البلاد التي تسربت إليها المسيحية في منتصف القرن الأول الميلادي، على يد القديس (مرقس) لقربها من فلسطين.
وأخذ هذا الدين ينتشر في الإسكندرية والوجه البحرى ثم انتشر تدريجيا في أنحاء مصر خلال القرن الثاني الميلادي فثارت مخاوف الرومان الوثنيين، وصبوا العذاب صبا على المصريين الذين اعتنقوا المسيحية، وتركوا الوثنية الدين الرسمي للدولة.
وأخذ الاضطهاد صورة منظمة في عهد الإمبراطور سفروس(193_211م) ثم بلغ ذروتهالقصوى في حكم الإمبراطور دقلديانوس (284-305م) فقد رغب هذا الإمبراطور أن يضعه رعاياه موضع الألوهية، حتى يضمن حياته وملكه، فقاومه المسيحيون في ذلك، فعمد إلى تعذيبهم، فصمد المصريون لها الاضطهاد بقوة وعناد أضفى عليه صفة قومية، وقدمت مصر في سبيل عقيدتها أعدادا كبيرة من الشهداء مما حمل الكنيسة القبطية في مصر أن تطلق على عصر هذا الإمبراطور (عصر الشهداء).
ولم تفلح وسائل الاضطهاد في وقف انتشار المسيحية التي عمت كل بلاد مصر.
وقد خففت وسائل الاضطهاد عندما اعترف الإمبراطور قسطنطين الأول : (306_337م) بالمسيحية دينا مسموحا به في الدولة كبقية الأديان الأخرى.
وأصدر الأمير تيودوسيوس الأول (378_395م)في سنة 381م مرسوما بجعل المسيحية دين الدولة الرسمي الوحيد في جميع أنحاء الإمبراطوريه.
وأخذت الاضطهادات، وسبل التعذيب تنصب تبعا لذلك على الوثنيين بعد أن كانت تتوالى على المسيحيين، وتابع المسيحيون نشر دينهم بنفس القوة التي حاول بها أنصار الوثنية إخماد جذورة المسيحية بها.
وعلى الرغم من أن المسيحية صارت الدين الرسمي للإمبراطور، لم تنعم مصر بهذا المرسوم لوقوع خلاف وجدال في طبيعة السيد المسيح __ وبلغ النزاع أقصاه بين كنيسة الإسكندرية التي تنادى بالطبيعة الواحدة للمسيح (وهي ان الطبيعة الالهية والطبيعة البشرية اتت إلى موضع واحد ،وهو جسد المسيح، بغير اختلاط ولا امتزاج ولاتغيير في الطبيعتين)، وبين كنيسة روما القائلة بالطبيعتين .
وبذلك تعرض المصريون لألوان العذاب لاعتناقهم مذهبا مخالفا لمذهب الإمبراطورية.
كان المجتمع المصري في ذلك العهد يحيا في أسوأ أيامه حيث السلطة والإدارة والوظائف في يد الرومان واليونان وبعض اليهود من المتقربين إلى الرومان، والمصريون محرومون حتى من التمتع بخيرات بلادهم، لفرض الضرائب الباهظة المتعددة عليهم وكذلك حرمانهم من الاشتراك في الجيش، مما جعلهم يعيشون كالغرباء عنها، وإذا وصل بعضهم إلى منصب دينى فإننا نجد الاضطهاد ينصب على هؤلاء القادة الدينيين، مما حمل فريق كبير منهم على الفرار بعقيدته إلى الأديرة والكهوف المنتشرة في أنحاء مصر واتخذوا عادة التنسك التي أخذوها عن اليهود، فازداد عدد الأديار تبعا لذلك وكثر عدد أعضائها الذين أعطوا لأنفسهم حق الإعفاء من الوظائف غير المأجورة وغيرها، وشذ بعض من هؤلاء فاحترفوا السطو والنهب.
وعلى هذا نقول أن المجتمع المصري في هذه الفترة كان على طبقتين :
1_ طبقة الرومان : وهم المنعمون المرفهون الذين يسكنون الحواضر ويتمتعون بخيرات البلاد.
2_ طبقة المصريين : الطبقة الكادحة الذين يعيشون في عناء وشقاء.
وإلى جانب الملك كان هناك عدداً من الوزراء وأهمهم وزير المالية ورئيس القضاة وكذلك وزير الحرب .
وإلى جانب الملك والوزراء كان هناك جهاز أدارى دقيق ومنظم يعمل به جيش من العاملين المدربين ويتكون من رؤساء ومديروا المصالح وأقسامها المختلفة .
وإلى جانب هذا الجهاز الإدارى العالى كان هناك ثلاث مدن إغريقية : نقراطيس ـ الإسكندرية ـ بطر ليميس . وهذه المدن الإغريقية الثلاثة فى مصر تمثل دولة مستقلة ذات سيادة ولكنها كانت خاضعة للملك إلا أنها تحتفظ باستقلال ذاتى بسيط مميز
أما عدا ذلك فقد قسمت مصر إلى وحدات إدارية رئيسية محافظات وغير البطالمة أسماء المحافظات المصرية الفرعونية وقد احتفظ المحافظين المصريين بمواقعهم وبمناصبهم إلى جانب تعيين حاكم عسكرى وكان يطق على المحافظة اسم " تومارخ
وكل محافظة تنقسم إلى أقاليم " توبوى " وكان لكل محافظة عاصمة أو مقر المحافظ وكان لكل أقليم حاكم إدارى " ابيستايتس " وعمدة "توبارخ" وريئس للشرطة وموظف مالى . وينقسم الإقاليم إلى مراكز والمراكز إلى قرى ولكل مركز حاكم أدارى ورئيس شرطة وموظف مالى
فكان النظام الإدارى للحكم فى خلال العصر البطلمى هرمى الشكل قمته الملك وقاعدة الشعب وقد ساعد هذا النظام الدقيق للإدارة البطالمة لسهولة حكم مصر ووضعها فى قبضهم من خلال التسلسل الإداري .
سار الرومان فى حكم مصر على نفس النظام الإدارى للبطالمة وأن زاد أحكام قبضة الحكام على هذا النظام وكان على راس الجهاز الإدارى حاكم عام ينوب الإمبراطور لحكم مصر حمل لقب " بريفكتوس" وهو قائد الجيوش والجهاز الإدارى وله سلطه تعيين وعزل الموظفين عدا ما يعينهم الامبرطور بنفسه . وهو أيضا القاضى الأول والذى كان يعقد ثلاثة اجتماعات سنوياً .
وقـد قسمـت البـلاد إلى ثلاثة أقاليم لكل أقليم حاكم يسمى " ابستراتيجوس " وهى ( الدلتا ـ مصر الوسطى ـ طيبة ) . وكل أقليم يقسم إلى " تومات " وهى تساوى " محافظات " . ولها حاكم وكان من سكان نفس الأقاليم . وكان له دور كبير ونفوذ كبير حيث كان هو واضع وجامع الضرائب ويساعده " أمين المحفوظات " يشرف على دار المحفوظات الخاصة بالأقاليم إلى جانب موظفى الإدارات المحلية ثم إدارات القرى .
من هنا نجد أن نفس النظام الإدارى الذى استخدم فى مصر البطلمية هو الذى استخدم فى مصر الرومانية وأن اختلفت الألقاب . وأن اختلف وضع الموظف من مهنة يتولها ويتكسب منها إلى تكليف عن غير رضى فى العصر الرومانى
أما بالنسبة للمدن الإغريقية فقد حرص الرومان على أحكام قبضهم على النزعة الاستقلالية لهذه المدن ولم يقم الرومان بناء مدن أخرى سوى مدينة أسسها هادريان عند زيارته بمصر عام 130 م ومنحها دستور إغريقيا وأعطى مواطنها امتيازات خاصة .
حكم البطالمة خلفاء الاسكندر الأكبر مصر بعد وفاته وتمكنوا من إنشاء دولة فيها تمتعت بكل مظاهر الاستقلال حتى سنة (31 ق. م)حيث تمكن اكتافيوس من الانتصار على كليوباترا السابعة وأنطونيوس الكبير في موقعة أكتيوم البحرية في نفس هذه السنة ومنذ ذلك التاريخ صارت مصر ولايه رومانية وانتهت دولة البطالمة في مصر.
وكان يتولى حكم مصر وال يبعثه الإمبراطور نيابة عنه ومقره الإسكندرية يهيمن على إدارة البلاد وشئونها المالية وهو مسئول أمام الإمبراطور مباشرة وكانت مدة ولايته قصيرة حتى لا يستقل بها ،وهذا ما جعل الولاة لا يهتمون بمصالح البلاد بل صبوا اهتماماتهم على مصالحهم الشخصية وحرموا المصريين من الاشتراك في إدارة بلادهم مما جعلهم كالغرباء فيها ،بالإضافة إلى منعهم من الانضمام للجيش حتى لا يدفعهم ذلك إلى جمع صفوفهم ومقاومة الرومان في المستقبل.
وأمام هذه السياسة الجائرة فقد رأى المصريون أن الرومان مغتصب آخر أخذ الحكم من مغتصب أول وهم البطالسة ،فلم يتغير من الوضع شيء بل أزداد الأمر سؤ كما كان يحدث عادة عند انتقال الحكم من أسرة فرعونية إلى أخرى فرعونية.
وقد رضخ المصريون لهذا الحكم فترة وثاروا في فترات وكانت الحاميات الرومانية تقضى على هذه الثورات بكل عنف ومن أخطر هذه الثورات ما حدث في عهد الإمبراطور (ماركوس أورليوس) :(161_180 م) وعرف بحرب الزرع أو الحرب البكوليه_ نسبة إلى منطقه في شمال الدلتا _ وتمكن المصريون من هزيمة الفرق الرومانية وكادت الإسكندرية أن تقع في قبضة الثوار لولا وصول إمدادات للرومان من سوريا قضت على هذه الثورة.
كانت مصر بالنسبة إلى روما البقرة الحلوب إذ كانت نظم الإدارة تستغل الثروات وتبتز أموال المصريين تجارا ومزارعين وصناعا حتى هجر عدد كبير من المصريين متاجرهم ومزارعهم ومصانعهم مما أدى إلى كساد التجارة وتأخر الزراعة وتقهقر الصناعة، وقلت الموارد، وضعف الإنتاج، وأهمل نظام الرى وفقد الامن وكثر السلب والنهب، وفر المصريين من قسوة الحكم وفساده، وجشعه، فقد فرضت ضرائب عديدة لا حصر لها فهناك ضريبة سنوية تجبى على الحيوان وعلى الأرض الصالحة للزراعه، وعلى الحدائق، وضريبه شهريه تجبى من التجار على اختلاف متاجرهم وكذلك على التجارة المارة من النيل.
وكان صاحب المصنع ملزما بدفع ضريبه قبل خروج البضاعة من مصنعه ،وضريبة التاج التي كان المصريون يكرهون عليها لتقديم الأموال هدية لشراء تاج الإمبراطور عند ارتقائه العرش أو عند الشروع في بناء معبد أو تمثال للإمبراطور، وضريبة على السفن والعربات وبيع الأراضي، وعلى الحمامات العامة والأسواق، وأثاث المنازل، ومن لم يقم بدفع هذه الضرائب فإنه يعمل في السخريه في حفر الترع وتطهيرها. وعلاوة على ذلك كان على المصريين تزويد الجنود الرومان بالقمح والشعير لغذائهم وعلف دوابهم عند مرورهم بقرى مصر. وقد أثقل الرومان على المصريين بالضرائب الباهظة المتعددة التي شملت كل شيء والتي جعلت الحياة جحيما لا يطاق، مما أدى إلى فرار كثير من الزراع عن مواطنهم، وترك أرضهم بدون زراعه، فارتفعت الأسعار، وتدهورت الزراعة، فالصناعة واكمشت التجارة.
ترك الرومان للمصريين في بادئ الأمر حرية العقيدة، وعاملوهم في هذه الناحية باللين، فلم يتدخلوا أويحدوا من حرية المعتقدات، وكانت مصر كغيرها من الولايات الرومية تدين بالدين الوثنى، وظل المصريون ينعمون بهذه الحرية إلى أن نشأت المسيحية في موطنها الأم فلسطين، وكانت مصر في طليعة البلاد التي تسربت إليها المسيحية في منتصف القرن الأول الميلادي، على يد القديس (مرقس) لقربها من فلسطين.
وأخذ هذا الدين ينتشر في الإسكندرية والوجه البحرى ثم انتشر تدريجيا في أنحاء مصر خلال القرن الثاني الميلادي فثارت مخاوف الرومان الوثنيين، وصبوا العذاب صبا على المصريين الذين اعتنقوا المسيحية، وتركوا الوثنية الدين الرسمي للدولة.
وأخذ الاضطهاد صورة منظمة في عهد الإمبراطور سفروس(193_211م) ثم بلغ ذروتهالقصوى في حكم الإمبراطور دقلديانوس (284-305م) فقد رغب هذا الإمبراطور أن يضعه رعاياه موضع الألوهية، حتى يضمن حياته وملكه، فقاومه المسيحيون في ذلك، فعمد إلى تعذيبهم، فصمد المصريون لها الاضطهاد بقوة وعناد أضفى عليه صفة قومية، وقدمت مصر في سبيل عقيدتها أعدادا كبيرة من الشهداء مما حمل الكنيسة القبطية في مصر أن تطلق على عصر هذا الإمبراطور (عصر الشهداء).
ولم تفلح وسائل الاضطهاد في وقف انتشار المسيحية التي عمت كل بلاد مصر.
وقد خففت وسائل الاضطهاد عندما اعترف الإمبراطور قسطنطين الأول : (306_337م) بالمسيحية دينا مسموحا به في الدولة كبقية الأديان الأخرى.
وأصدر الأمير تيودوسيوس الأول (378_395م)في سنة 381م مرسوما بجعل المسيحية دين الدولة الرسمي الوحيد في جميع أنحاء الإمبراطوريه.
وأخذت الاضطهادات، وسبل التعذيب تنصب تبعا لذلك على الوثنيين بعد أن كانت تتوالى على المسيحيين، وتابع المسيحيون نشر دينهم بنفس القوة التي حاول بها أنصار الوثنية إخماد جذورة المسيحية بها.
وعلى الرغم من أن المسيحية صارت الدين الرسمي للإمبراطور، لم تنعم مصر بهذا المرسوم لوقوع خلاف وجدال في طبيعة السيد المسيح __ وبلغ النزاع أقصاه بين كنيسة الإسكندرية التي تنادى بالطبيعة الواحدة للمسيح (وهي ان الطبيعة الالهية والطبيعة البشرية اتت إلى موضع واحد ،وهو جسد المسيح، بغير اختلاط ولا امتزاج ولاتغيير في الطبيعتين)، وبين كنيسة روما القائلة بالطبيعتين .
وبذلك تعرض المصريون لألوان العذاب لاعتناقهم مذهبا مخالفا لمذهب الإمبراطورية.
كان المجتمع المصري في ذلك العهد يحيا في أسوأ أيامه حيث السلطة والإدارة والوظائف في يد الرومان واليونان وبعض اليهود من المتقربين إلى الرومان، والمصريون محرومون حتى من التمتع بخيرات بلادهم، لفرض الضرائب الباهظة المتعددة عليهم وكذلك حرمانهم من الاشتراك في الجيش، مما جعلهم يعيشون كالغرباء عنها، وإذا وصل بعضهم إلى منصب دينى فإننا نجد الاضطهاد ينصب على هؤلاء القادة الدينيين، مما حمل فريق كبير منهم على الفرار بعقيدته إلى الأديرة والكهوف المنتشرة في أنحاء مصر واتخذوا عادة التنسك التي أخذوها عن اليهود، فازداد عدد الأديار تبعا لذلك وكثر عدد أعضائها الذين أعطوا لأنفسهم حق الإعفاء من الوظائف غير المأجورة وغيرها، وشذ بعض من هؤلاء فاحترفوا السطو والنهب.
وعلى هذا نقول أن المجتمع المصري في هذه الفترة كان على طبقتين :
1_ طبقة الرومان : وهم المنعمون المرفهون الذين يسكنون الحواضر ويتمتعون بخيرات البلاد.
2_ طبقة المصريين : الطبقة الكادحة الذين يعيشون في عناء وشقاء.
No comments:
Post a Comment